الفصل السادس:والشراب أيضا من الله
 

بسم الله الرحمن الرحيم

والشراب أيضا من الله

فاذا جئنا للشراب نجد أن كل ما يشربه الانسان هو من الله سبحانه وتعالى، فالماء ينزل من السماء عذبا سائغا بقدرة الله، واللبن نأخذه من الحيوان وهومخلوق بقدرة الله

ولقد حاول العلم أن يصنع البن فجاء باللبن الطبيعي وحلله الى عناصره، ثم جاء بهذه العناصر وخلطها مع بعضها البعض بنفس النسب الموجودة في اللبن الطبيعي، ثم جاء بعشرين فأرا سقى عشرة منها اللبن الطبيعي والعشرة الباقية سقاها اللبن المصنوع من نفس العناصر، فنمت الفئران التي سقيت اللبن الطبيعي وماتت الفئران التي سقيت اللبن الصناعي

ومازال العلم حتى الآن عاجزا عن أن يصنع نقطة لبن واحدة، بل ان بعض دول العالم التي تعاني نقصا شديدا في اللبن لا تستطيع أن تحل الأزمة، فتحرم اللبن على الكبار ليكون متوفرا للصغار، ومنها الاتحاد السوفياتي والصين وكوريا الجنوبية وغيرها من دول العالم، ومن الاعجاز الالهي ان هذا اللبن تعطيه لنا حيوانات يجري في عروقها الدم، فلا يختلط الدم واللبن ألدا، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى

وان لكم في الأنعام لعبرة تسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين النحل 66

على أن العلم البشري كله عاجز حتى الأن عن أن يسقي الناس الماء أو اللبن، فالانسان الذي وصل الى القمر عاجز عن أن يصنع ترعة صغيرة، أو كوبا من اللبن، أما باقي الأشياء التي يشربها الانسان فهي ما أوجدها فيها من ثمر يضاف اليها الماء أو لا يضاف

الشفاء والمرض من الله فاذا جئنا الى قوله تعالى

واذا مرضت فهو يشفين الشعراء 80

نجد أن هناك جدلا كثيرا حول هذه الآية، فالناس تقول ان الطبيب هو الذي يشفي! ولكن الحقيقة هي أن الشفاء بيد الله وحده، وأن الطبيب يعالج فقط، وقد يأتي على يده الشفاء، وقد يخطئ في العلاج فيكون على يده الموت

والله سبحانه وتعالى جعل لكل داء أجلا في الشفاء، ولذلك يحدث كثيرا أن طبيبا مبتدئا يكتب الدواء الصحيح لمريض عرض نفسه على أكبر الأطباء فلم يعرفوا لدائه دواء وفي هذه الحالة قد يتعجب الناس ويقولون ان حديث الطبيب الحديث التخرج أعلم من أساتذته! نقول لهم

هذا تفسير خاطئ فالأستاذ قطعا أعلم من تلميذه، وهو الذي علمه، ولكن قدر الله سبحانه وتعالى بالشفاء جاء فكشف الله عن الداء لهذا الطبيب المبتدئ فكتب الدواء وتم الشفاء

وليس معنى أن الله هو الشافي ألا نلتمس الوسيلة للعلاج، فنحن في هذه الدنيا أمرنا الحق سبحانه وتعالى أن نأخذ بالأسباب ثم بعد ذلك نتوكل على الله في النتائج

والآية الكريمة تقول بعد ذلك

والذي يميتني ثم يحيين الشعراء 81

ونلاحظ هنا أن الحق سبحانه وتعالى لم يستخدم أسلوب التأكيد فيقول

وهو الذي يميتني ثم يحيين، لأنه لا أحد يستطيع أن ينازع الله في الموت أو البعث، فاذا جاء الموت فلا أحد يستطيع أن يتأبى عليه، أو يقول

لن أموت، واذا جاء البعث، فالله وحده القادر على بعث الموتى، وبذلك نكون قد أثبتنا بالدليل المادي أن بداية الحياة واستمرار الحياة ونهاية الحياة، هي من قدرات الله سبحانه وتعالى وحده

واذا كنا قد جئنا الى نهاية هذا الكتاب فنرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون هدانا الى ما يثبت الايمان في القلوب، وما يرد على أولئك الملحدين الذي يدعون أنه لا توجد ادلة مادية في الكون على وجود الله، ونرجو من الحق جل جلاله أن يتقبل منا، انه هو السميع العليم

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

الموضوع التالي


معنى الخشوع