باب حكم الصلاة : سئل عن العمل الذي لله بالنهار لا يقبله بالليل،والعمل الذي بالليل لا يقبله بالنهار‏؟
 
وسئل عن العمل الذي لله بالنهار لا يقبله بالليل، والعمل الذي بالليل لا يقبله بالنهار‏.‏
/فأجاب‏:‏
وأما عمل النهار الذي لا يقبله الله بالليل، وعمل الليل الذي لا يقبله الله بالنهار‏:‏ فهما صلاة الظهر والعصر، لا يحل للإنسان أن يؤخرهما إلى الليل؛ بل قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏من فاتته صلاة العصر فكأنما وَتِرَ أهله وماله‏)‏‏.‏ وفي صحيح البخاري عنه أنه قال‏:‏ ‏(‏من فاتته صلاة العصر حبط عمله‏)‏‏.‏
فأما من نام عن صلاة أو نسيها، فقد قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها‏)‏‏.‏
وأما من فوتها متعمدًا فقد أتي كبيرة من أعظم الكبائر، وعليه القضاء عند جمهور العلماء، وعند بعضهم لا يصح فعلها قضاء أصلا، ومع القضاء عليه لا تبرأ ذمته من جميع الواجب، ولا يقبلها الله منه بحيث يرتفع عنه العقاب، ويستوجب الثواب، بل يخفف عنه العذاب بما فعله من القضاء، ويبقي عليه إثم التفويت، وهو من الذنوب التي تحتاج إلى مسقط آخر، بمنزلة من عليه حقان‏:‏ فعل أحدهما، وترك الآخر‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ‏.‏ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ‏}‏ ‏[‏الماعون‏:‏ 4، 5‏]‏، وتأخيرها عن وقتها من السهو عنها باتفاق العلماء‏.‏
وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 59‏]‏، قال غير واحد من السلف‏:‏ إضاعتها تأخيرها/ عن وقتها، فقد أخبر الله ـ سبحانه ـ أن الويل لمن أضاعها وإن صلاها، ومن كان له الويل لم يكن قد يقبل عمله، وإن كان له ذنوب أخر‏.‏ فإذا لم يكن ممتثلاً للأمر في نفس العمل لم يتقبل ذلك العمل‏.‏ قال أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ في وصيته لعمر‏:‏ واعلم أن لله حقًا بالليل لا يقبله بالنهار، وحقًا بالنهار لا يقبله بالليل، وأنه لا يقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة، والله أعلم‏.‏