سئل: هل يشترط الليل إلى مطلع الشمس‏؟‏
 
وسئل ـ رحمه الله ‏:‏
هل يشترط الليل إلى مطلع الشمس‏؟‏ وكم أقل ما بين وقت المغرب ودخول العشاء من منازل القمر‏؟‏
فأجاب‏:‏
أما وقت العشاء فهو مغيب الشفق الأحمر، لكن في البناء يحتاط حتى يغيب الأبيض، فإنه قد تستتر الحمرة بالجدران فإذا غاب البياض تيقن مغيب الأحمر‏.‏ هذا مذهب الجمهور ـ كمالك والشافعي وأحمد‏.‏
وأما أبو حنيفة‏:‏ فالشفق عنده هو البياض، وأهل الحساب يقولون‏:‏ إن وقتها منزلتان، لكن هذا لا ينضبط، فإن المنازل إنما تعرف بالكواكب، بعضها قريب من المنزلة الحقيقية، وبعضها بعيد من ذلك‏.‏
وأيضًا، فوقت العشاء في الطول والقصر يتبع النهار فيكون / في الصيف أطول، كما أن وقت الفجر يتبع الليل، فيكون في الشتاء أطول‏.‏
ومن زعم أن حصة العشاء بقدر حصة الفجر في الشتاء، وفي الصيف‏.‏ فقد غلط غلطًا حسيًا باتفاق الناس‏.‏
وسبب غلطه أن الأنوار تتبع الأبخرة، ففى الشتاء يكثر البخار بالليل، فيظهر النور فيه أولاً، وفي الصيف تقل الأبخرة بالليل، وفي الصيف يتكدر الجو بالنهار بالأبخرة، ويصفو في الشتاء؛ لأن الشمس مزقت البخار، والمطر لبد الغبار‏.‏
وأيضًا، فإن النورين تابعان للشمس، هذا يتقدمها، وهذا يتأخر عنها، فيجب أن يكونا تابعين للشمس، فإذا كان في الشتاء طال زمن مغيبها، فيطول زمان الضوء التابع لها‏.‏
وأما جعل هذه الحصة بقدر هذه الحصة، وأن الفجر في الصيف أطول، والعشاء في الشتاء أطول، وجعل الفجر تابعًا للنهار ـ يطول في الصيف، ويقصر في الشتاء ـ وجعل الشفق تابعًا لليل يقصر في الصيف ويطول في الشتاء، فهذا قلب الحس والعقل والشرع‏.‏ ولا يتأخر ظهور السواد عن مغيب الشمس‏.‏ والله أعلم‏.‏