وسئل ـ رحمه الله ـ عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هل الأفضل فيها سرًا أم جهرًا‏؟
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هل الأفضل فيها سرًا أم جهرًا‏؟‏ وهل روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ازعجوا أعضاءكم بالصلاة علي‏)‏ أم لا‏؟‏ والحديث الذي يروي عن ابن عباس أنه أمرهم بالجهر ليسمع من لم يسمع‏؟‏ أفتونا مأجورين‏.‏
فأجاب‏:‏
أما الحديث المذكور، فهو كذب موضوع، باتفاق أهل العلم‏.‏ وكذلك الحديث الآخر‏.‏ وكذلك سائر ما يروى في رفع الصوت بالصلاة عليه، مثل الأحاديث التي يرويها الباعة لتنفيق السلع، أو يرويها السؤال من قصاص وغيرهم لجمع الناس وجبايتهم، ونحو ذلك‏.‏
والصلاة عليه هي دعاء من الأدعية، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته حين قالوا‏:‏ قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك فقال‏:‏ ‏(‏قولوا‏:‏ اللهم صل على محمد وعلي آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد‏.‏ وبارك على محمد وعلي آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد‏)‏ أخرجاه في الصحيحين‏.‏ والسنة في الدعاء كله المخافتة، إلا أن يكون هناك سبب يشرع له الجهر/ قال تعالى‏:‏ ‏{‏ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 55‏]‏، وقال تعالى عن زكريا‏:‏ ‏{‏إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 3‏]‏‏.‏ بل السنة في الذكر كله ذلك، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 205‏]‏‏.‏ وفي الصحيحين أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا معه في سفر، فجعلوا يرفعون أصواتهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أيها الناس، أرْبَعُوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصَمَّ، ولا غائبًا، وإنما تدعون سميعًا قريبًا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته‏)‏‏.‏ وهذا الذي ذكرناه في الصلاة عليه والدعاء، مما اتفق عليه العلماء، فكلهم يأمرون العبد إذا دعا أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما يدعو، لا يرفع صوته بالصلاة عليه أكثر من الدعاء، سواء كان في صلاة، كالصلاة التامة، وصلاة الجنازة، أو كان خارج الصلاة، حتى عقيب التلبية، فإنه يرفع صوته بالتلبية، ثم عقيب ذلك يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو سرًا، وكذلك بين تكبيرات العيد إذا ذكر الله، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه وإن جهر بالتكبير، لا يجهر بذلك‏.‏
وكذلك لو اقتصر على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة مثل أن يذكر فيصلي عليه، فإنه لم يستحب أحد من أهل العلم رفع/ الصوت بذلك، فقائل ذلك مخطئ مخالف لما عليه علماء المسلمين‏.‏
وأما رفع الصوت بالصلاة أو الرضا الذي يفعله بعض المؤذنين قدام بعض الخطباء في الجمع، فهذا مكروه أو محرم، باتفاق الأمة، لكن منهم من يقول‏:‏ يصلي عليه سرًا، ومنهم من يقول‏:‏ يسكت‏.‏ والله أعلم‏