وَسُئِلَ عن رجل إذا صلى ذكر فى جوفه‏:‏ ‏[‏بسم لله‏]‏ بابنا، ‏[‏تبارك‏]‏ حيطاننا، ‏[‏يس‏]‏ سقفنا‏.‏
 
وَسُئِلَ عن رجل إذا صلى ذكر فى جوفه‏:‏ ‏[‏بسم لله‏]‏ بابنا، ‏[‏تبارك‏]‏ حيطاننا، ‏[‏يس‏]‏ سقفنا‏.‏ فقال رجل‏:‏ هذا كفر، أعوذ باللَّه/ من هذا القول‏.‏ فهل يجب على ما قال هذا المنكر رد‏؟‏ وإذا لم يجب عليه، فما حكم هذا القول‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد للَّه رب العالمين، ليس هذا كفر، فإن هذا الدعاء وأمثاله يقصد به التحصن والتحرز بهذه الكلمات، فيتقى بها من الشر كما يتقى ساكن البيت بالبيت من الشر والحر والبرد والعدو‏.‏
وهذا كما جاء فى الحديث المعروف عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الكلمات الخمس التى قام يحيى ابن زكريا فى بنى إسرائىل قال‏:‏ أوصيكم بذكر الله، فإن مثل ذلك مثل رجل طلبه العدو فدخل حصناً، فامتنع به من العدو، فكذلك ذكر الله، هو حصن ابن آدم من الشيطان، أو كما قال‏.‏ فشبه ذكر الله فى امتناع الإنسان به من الشيطان بالحصن الذى يمتنع به من العدو‏.‏
والحصن له باب وسقف وحيطان‏.‏ ونحو هذا، أن الأعمال الصالحة من ذكر الله وغيره تسمى جنة ولباساً‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 26‏]‏، فى أشهر القولين‏.‏ وكما قال فى الحديث‏:‏ ‏(‏خذوا جنتكم‏)‏، قالوا‏:‏ يا رسول الله، من عدو حضر‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لا، ولكن جنتكم من النار‏:‏ سبحان الله، والحمد للَّه، ولا إله إلا الله، والله أكبر‏)‏ ومنه قول الخطيب‏:‏ فتدرعوا جُنن التقوى، قبل جُنَنْ / السَّابِرى‏.‏ وفوقوا سهام الدعاء قبل سهام القِسِىّ‏.‏ ومثل هذا كثير يسمى سوراً وحيطاناً ودرعاً وجنة، ونحو ذلك‏.‏
ولكن هذا الدعاء المسؤول عنه ليس بمأثور، والمشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة؛ فإن الدعاء من أفضل العبادات، وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه، فينبغى لنا أن نتبع فيه ما شرع، وسن، كما أنه ينبغى لنا ذلك فى غيره من العبادات، والذى يعدل عن الدعاء المشروع إلى غيره ـ وإن كان من أحزاب بعض المشائخ ـ الأحسن له ألا يفوته الأكمل الأفضل، وهى الأدعية النبوية، فإنها أفضل وأكمل باتفاق المسلمين من الأدعية التى ليست كذلك، وإن قالها بعض الشيوخ، فكيف يكون فى عين الأدعية ما هو خطأ أو إثم أو غير ذلك‏.‏
ومن أشد الناس عيباً من يتخذ حزبا ليس بمأثور عن النبى صلى الله عليه وسلم ـ وإن كان حزبا لبعض المشايخ ـ ويدع الأحزاب النبوية التى كان يقولها سيد بنى آدم، وإمام الخلق، وحجة الله على عباده‏.‏ والله أعلم‏.‏