سئل: عن صلاة ركعتين بعد الوتر‏؟
 
وسئل عن صلاة ركعتين بعد الوتر‏.‏
فأجاب‏:‏
وأما صلاة الركعتين بعد الوتر، فهذه روي فيها مسلم في صحيحه إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنه كان يصلي بعد الوتر ركعتين، وهو جالس‏.‏ وروي ذلك من حديث أم سلمة في بعض الطرق الصحيحة‏:‏ أنه كان يفعل ذلك إذا أوتر بتسع فإنه كان يوتر/ بإحدي عشرة، ثم كان يوتر بتسع، ويصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس‏.‏ وأكثر الفقهاء ما سمعوا بهذا الحديث؛ ولهذا ينكرون هذه، وأحمد وغيره سمعوا هذا وعرفوا صحته‏.‏
ورخص أحمد أن تصلي هاتين الركعتين وهو جالس، كما فعل صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك لم ينكر عليه، لكن ليست واجبة بالاتفاق، ولا يذم من تركها، ولا تسمي ‏[‏زحافة‏]‏ فليس لأحد إلزام الناس بها، ولا الإنكار على من فعلها‏.‏
ولكن الذي ينكر ما يفعله طائفة من سجدتين مجردتين بعد الوتر، فإن هذا يفعله طائفة من المنسوبين إلى العلم والعبادة من أصحاب الشافعي وأحمد، ومستندهم‏:‏ أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر سجدتين‏.‏ رواه أبو موسي المديني، وغيره‏.‏ فظنوا أن المراد‏:‏ سجدتان مجردتان، وغلطوا‏.‏ فإن معناه‏:‏ أنه كان يصلي ركعتين‏.‏ كما جاء مبينًا في الأحاديث الصحيحة، فإن السجدة يراد بها الركعة، كقول ابن عمر‏:‏ حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين قبل الظهر‏.‏‏.‏‏.‏ الحديث‏.‏ والمراد بذلك‏:‏ ركعتان، كما جاء مفسرًا في الطرق الصحيحة‏.‏ وكذلك قوله‏:‏ ‏(‏من أدرك سجدة من الفجر قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الفجر‏)‏، أراد به ركعة‏.‏ كما جاء ذلك مفسرًا في الرواية المشهورة‏.‏
/وظن بعض أن المراد بها سجدة مجردة، وهو غلط‏.‏ فإن تعليق الإدارك بسجدة مجردة، لم يقل به أحد من العلماء، بل لهم فيما تدرك به الجمعة والجماعة ثلاثة أقوال‏:‏
أصحها‏:‏ أنه لا يكون مدركًا للجمعة ولا الجماعة إلا بإدراك ركعة، لا يكون مدركًا للجماعة بتكبيرة‏.‏ وقد استفاض عن الصحابة أن من أدرك من الجمعة أقل من ركعة صلى أربعًا‏.‏ وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدرك الصلاة‏)‏‏.‏ وعلى هذا، إذا أدرك المسافر خلف المقيم ركعة، فهل يتم، أو يقصر‏؟‏ فيها قولان‏.‏
والمقصود هنا أن لفظ ‏[‏السجدة‏]‏ المراد به الركعة‏.‏ فإن الصلاة يعبر عنها
بابعاضها، فتسمي قيامًا، وقعودًا، وركوعًا، وسجودًا، وتسبيحًا، وقرآنا‏.‏
وأنكر من هذا ما يفعله بعض الناس من أنه يسجد بعد السلام سجدة مفردة، فإن هذه بدعة، ولم ينقل عن أحد من الأئمة استحباب ذلك‏.‏ والعبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع، فإن الإسلام مبني على أصلين‏:‏ ألا نعبد إلا الله وحده، وأن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا نعبده بالأهوء والبدع‏.