فصل: في الرعد والبرق‏
 
/ فصل
وأما ‏[‏الرعد والبرق‏]‏، ففي الحديث المرفوع في الترمذي وغيره، أنه سئل عن الرعد قال‏:‏ ‏(‏ملك من الملائكة موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار، يسوق بها السحاب حيث شاء الله‏)‏‏.‏ وفي مكارم الأخلاق للخرائطي‏:‏ عن على أنه سئل عن الرعد فقال‏:‏ ملك‏.‏
وسئل عن البرق فقال‏:‏ مخاريق بأيدي الملائكة‏.‏ وفي رواية عنه‏:‏ مخاريق من حديد بيده‏.‏ وروي في ذلك آثار كذلك‏.‏
وقد روي عن بعض السلف أقوال لا تخالف ذلك، كقول من يقول‏:‏ إنه اصطكاك أجرام السحاب، بسبب انضغاط الهواء فيه، فإن هذا لا يناقض ذلك، فإن الرعد مصدر رعد يرعد رعداً‏.‏ وكذلك الراعد يسمى رعداً‏.‏ كما يسمى العادل عدلا‏.‏ والحركة توجب الصوت‏.‏ والملائكة هي التي تحرك السحاب، وتنقله من مكان إلى مكان‏.‏ وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فهي عن الملائكة‏.‏ وصوت الإنسان هو عن اصطكاك أجرامه الذي هو شفتاه، ولسانه، وأسنانه / ولهاته، وحلقه‏.‏ وهو مع ذلك يكون مسبحا للرب‏.‏ وآمرا بمعروف وناهيا عن منكر‏.‏
فالرعد إذًا صوت يزجر السحاب‏.‏ وكذلك البرق قد قيل‏:‏ لمعان الماء، أو لمعان النار، وكونه لمعان النار أو الماء لا ينافي أن يكون اللامع مخراقا بيد الملك، فإن النار التي تلمع بيد الملك، كالمخراق، مثل مزجي المطر‏.‏ والملك يزجي السحاب كما يزجي السائق للمطي‏.‏
والزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عبادة، كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات، والحوادث لها أسباب وحكم، فكونها آية يخوف الله بها عباده، هي من حكمة ذلك‏.‏
وأما أسبابه‏:‏ فمن أسبابه انضغاط البخار في جوف الأرض، كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق‏.‏ فإذا انضغط طلب مخرجا، فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض‏.‏
وأما قول بعض الناس‏:‏ إن الثور يحرك رأسه فيحرك الأرض، فهذا جهل، وإن نقل عن بعض الناس، وبطلانه ظاهر، فإنه لو كان كذلك لكانت الأرض كلها تزلزل، وليس الأمر كذلك‏.‏ والله أعلم‏.‏