سئل: عن الصلاة على الميت الذي كان لا يصلي‏؟‏
 
وسئل ـ رَحمه اللّه ـ عن الصلاة على الميت الذي كان لا يصلي، هل لأحد فيها أجر أم لا ‏؟‏ وهل عليه إثم إذا تركها، مع علمه أنه كان لا يصلي‏؟‏ وكذلك الذي يشرب الخمر، وما كان يصلي، هل يجوز لمن كان يعلم حاله أن يصلي عليه أم لا ‏؟‏
فأجاب‏:‏
أما من كان مظهراً للإسلام، فإنه تجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة‏:‏ من المناكحة، والموارثة، وتغسيله، والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ونحو ذلك؛ لكن من علم منه النفاق والزندقة، فإنه لا يجوز لمن علم ذلك منه الصلاة عليه‏.‏ وإن كان مظهراً للإسلام فإن اللّه نهى نبيه عن الصلاة على المنافقين‏.‏ فقال‏:‏‏{‏وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 84‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏سَوَاء عليهمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ‏}‏ ‏[‏المنافقون‏:‏ 6‏]‏
وأما من كان مظهراً للفسق مع ما فيه من الإيمان كأهل الكبائر، فهؤلاء لابد أن يصلي عليهم بعض المسلمين‏.‏ ومن امتنع من الصلاة على أحدهم زجراً لأمثاله عن مثل ما فعله ـ كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على قاتل نفسه، وعلى الغال، وعلى المدين الذي لا وفاء له‏.‏ وكما كان كثير من السلف يمتنعون من الصلاة على أهل البدع ـ كان عمله بهذه السنة حسناً‏.‏ وقد قال لجندب بن عبد اللّه البجلي ـ ابنه ـ‏:‏ إني لم أنم البارحة بشما، فقال‏:‏ أما إنك لو مت لم أصل عليك‏.‏ كأنه يقول‏:‏ قتلت نفسك بكثرة الأكل‏.‏ وهذا من جنس هجر المظهرين للكبائر حتى يتوبوا، فإذا كان في ذلك مثل هذه المصلحة الراجحة، كان ذلك حسناً، ومن صلي على أحدهم يرجو له رحمة اللّه ـ ولم يكن في امتناعه مصلحة راجحة ـ كان ذلك حسناً‏.‏ ولو امتنع في الظاهر ودعا له في الباطن ليجمع بين المصلحتين، كان تحصيل المصلحتين أولى من تفويت إحداهما‏.‏
وكل من لم يعلم منه النفاق وهو مسلم يجوز الاستغفار له، والصلاة عليه، بل يشرع ذلك، ويؤمر به، كما قال تعالي‏:‏ ‏{‏وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ‏}‏ ‏[‏محمد‏:‏ 19‏]‏‏.‏ وكل من أظهر الكبائر، فإنه تسوغ عقوبته بالهجر / وغيره، حتى ممن في هجره مصلحة له راجحة فتحصل المصالح الشرعية في ذلك بحسب الإمكان‏.‏ واللّه أعلم‏.‏