سئل: عن رجل يدعي المشيخة‏:‏ فرأى ثعبانا فأمسكه فلدغه فمات فهل تجوز الصلاة عليه؟
 
وسئل ـ رَحمه اللّه ـ عن رجل يدعي المشيخة‏:‏ فرأى ثعبانا، فقام بعض من حضر ليقتله، فمنعه عنه، وأمسكه بيده، على معنى الكرامة له، فلدغه الثعبان فمات‏.‏ فهل تجوز الصلاة عليه أم لا ‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد للّه رب العالمين، ينبغي لأهل العلم والدين أن يتركوا الصلاة على هذا، ونحوه، وإن كان يصلي عليه عموم الناس‏.‏ كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على قاتل نفسه، وعلى /الغال من الغنيمة، وقال‏:‏ ‏(‏صلوا على صاحبكم‏)‏‏.‏ وقالوا لسمرة بن جندب‏:‏ إن ابنك البارحة لم يبت، فقال‏:‏ بشما‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ أما إنه لو مات لم أصل عليه‏.‏ فبين سمرة أنه لو مات بشما لم يصل عليه؛ لأنه يكون قاتلا لنفسه بكثرة الأكل‏.‏
فهذا الذي منع من قتل الحية، وأمسكها بيده حتى قتلته، أولى أن يترك أهل العلم والدين الصلاة عليه؛ لأنه قاتل نفسه، بل لو فعل هذا غيره به، لوجب القود عليه‏.‏
وإن قيل‏:‏ إنه ظن أنها لا تقتل، فهذا شبيه عمله بمنزلة الذي أكل حتى بشم، فإنه لم يقصد قتل نفسه، فمن جني جناية لا تقتل غالباً، كان شبه عمد، وإمساك الحيات من نوع الجنايات‏.‏ فإنه فعل غير مباح‏.‏ وهذا لم يقصد بهذا الفعل إلا إظهار خارق العادة، ولم يكن معه ما يمنع انخراق العادة‏.‏
كيف وغالب هؤلاء كذابون ملبسون خارجون عن أمر اللّه ـ تعالي ـ ونهيه، يخرجون الناس عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، ويفسدون عقل الناس ودينهم ودنياهم، فيجعلون العاقل مولها كالمجنون، أو متولها بمنزلة الشيطان المفتون، ويخرجون الإنسان عن الشريعة التي بعث اللّه بها رسوله صلى الله عليه وسلم إلى بدع مضادة لها، فيفتلون الشعور / ويكشفون الرؤوس، بدلاً عن سنة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من ترجيل الشعر، وتغطية الرأس ويجتمعون على المكاء والتصدية، بدلا عن سنة اللّه ورسوله من الاجتماع على الصلوات الخمس، وغيرها من العبادات، ويصلون صلاة ناقصة الأركان والواجبات، ويجتمعون على بدعهم المنكرة على أتم الحالات، ويصنعون اللاذن، وماء الورد، والزعفران، لإمساك الحيات، ودخول النار بأنواع من الحيل الطبيعية، والأحوال الشيطانية بدلا عما جعله اللّه لأوليائه المتقين من الطرق الشرعية والأحوال الرحمانية، ويفسدون من يفسدونه من النساء والصبيان بدلا عما أمر اللّه به من العفة وغض البصر، وحفظ الفرج، وكف اللسان‏.‏
ومن كان مبتدعا ظاهر البدعة، وجب الإنكار عليه‏.‏ ومن الإنكار المشروع أن يهجر حتى يتوب، ومن الهجر امتناع أهل الدين من الصلاة عليه لينزجر من يتشبه بطريقته، ويدعوإليه‏.‏ وقد أمر بمثل هذا مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، وغيرهما من الأئمة‏.‏ واللّه أعلم‏.‏