سئل: هل يشرع تلقين الميت؟
 
وسئل ـ رحمه اللّه ـ مفتي الأنام، بقية السلف الكرام، تقي الدين بقية المجتهدين، أثابه اللّه، وأحسنإليه عن تلقين الميت في قبره بعد الفراغ من دفنه، هل صح فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن صحابته‏؟‏ وهل إذا لم يكن فيه شيء يجوز فعله أم لا ‏؟‏
فأجاب‏:‏
هذا التلقين المذكور قد نقل عن طائفة من الصحابة‏:‏أنهم أمروا به، كأبي أمامة الباهلي، وغيره‏.‏ وروي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه مما لا يحكم بصحته، ولم يكن كثير من الصحابة يفعل ذلك، فلهذا قال الإمام أحمد وغيره من العلماء‏:‏ إن هذا التلقين لا بأس به، فرخصوا فيه، ولم يأمروا به‏.‏ واستحبه طائفة من أصحاب الشافعي، وأحمد، وكرهه طائفة من العلماء من أصحاب مالك، وغيرهم‏.‏
/والذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنه كان يقوم على قبر الرجل من أصحابه إذا دفن، ويقول‏:‏ ‏(‏سلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل‏)‏‏.‏ وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لقنوا أمواتكم لا إله إلا اللّه‏)‏‏.‏ فتلقين المحتضر سنة، مأمور بها‏.‏
وقد ثبت أن المقبور يسأل، ويمتحن، وأنه يؤمر بالدعاء له‏.‏ فلهذا قيل‏:‏ إن التلقين ينفعه، فإن الميت يسمع النداء‏.‏ كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إنه ليسمع قرع نعالهم‏)‏، وأنه قال‏:‏ ‏(‏ما أنتم بأسمع لما أقول منهم‏)‏، وأنه أمرنا بالسلام على الموتي‏.‏ فقال‏:‏ ‏(‏ما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد اللّه روحه حتى يرد عليه السلام‏)‏‏.‏ واللّه أعلم‏.‏