فصل:في العروض التي للتجارة
 
فصل
وأما العروض التي للتجارة، ففيها الزكاة، وقال ابن المنذر‏:‏ أجمع أهل العلم أن في العروض التي يراد بها التجارة الزكاة، إذا حال عليها الحول‏.‏ روي ذلك عن عمر وابنه، وابن عباس، وبه قال الفقهاء السبعة، والحسن، وجابر بن زيد، وميمون بن مهران، وطاوس، والنخعي، والثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وحكي عن مالك وداود‏:‏ لا زكاة فيها‏.‏ وفي سنن أبي داود عن سمرة قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الزكاة مما نعده للبيع‏.‏ وروي عن حماس، قال‏:‏ مر بي عمر، فقال‏:‏ أد زكاة مالك، فقلت‏:‏ مالي إلا جعاب وأدم، فقال‏:‏ قَوِّمْها، ثم أد زكاتها‏.‏ واشتهرت القصة بلا منكر، فهي إجماع‏.‏
/وأما مالك، فمذهبه أن التجار على قسمين‏:‏ متربص، ومدير‏.‏
فالمتربص ـ وهو الذي يشتري السلع، وينتظر بها الأسواق، فربما أقامت السلع عنده سنين ـ فهذا عنده لا زكاة عليه، إلا أن يبيع السلعة فيزكيها لعام واحد، وحجته أن الزكاة شرعت في الأموال النامية‏.‏ فإذا زكي السلعة كل عام ـ وقد تكون كاسدة ـ نقصت عن شرائها فيتضرر‏.‏ فإذا زكيت عند البيع، فإن كانت ربحت، فالربح كان كامنًا فيها، فيخرج زكاته، ولا يزكي حتى يبيع بنصاب ثم يزكي بعد ذلك ما يبيعه من كثير، وقليل‏.‏
وأما المدير ـ وهو الذي يبيع السلع في أثناء الحول ـ فلا يستقر بيده سلعة، فهذا يزكي في السنة الجميع، يجعل لنفسه شهرًا معلومًا، يحسب ما بيده من السلع والعين، والدين الذي على المليء الثقة، ويزكي الجميع، هذا إذا كان ينض في يده في أثناء السنة ـ ولو درهم ـ فإن لم يكن يبيع بعين أصلا، فلا زكاة عليه عنده‏.‏