فصل: في قسمة الصدقات‏
 
فصل
وأما ‏[‏قسمة الصدقات‏]‏، فقد بين الله ذلك في القرآن بقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عليها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عليمٌ حَكِيمٌ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 60‏]‏‏.‏
قال الإمام أبو جعفر الطبري‏:‏ عامة أهل العلم يقولون‏:‏ للمتولي قسمتها، ووضعها في أي الأصناف الثمانية شاء، وإنما سمي الله الأصناف الثمانية‏:‏ إعلامًا منه أن الصدقة لا تخرج من هذه الأصناف إلى غيرها، لا إيجابًا لقسمتها بين الأصناف الثمانية، وروي بإسناده عن حذيفة، وعن ابن عباس أنهما قالا‏:‏ إن شئت جعلته في صنف أو صنفين أو ثلاثة‏.‏ قال‏:‏ وروي عن عمر أنه قال‏:‏ أيما صنف أعطيته أجزأك، وروي عنه أنه كان عمر يأخذ الفرض في الصدقة، فيجعله في الصنف الواحد، وهو قول أبي العالية، وميمون بن مهران، وإبراهيم النخعي‏.‏
قال‏:‏ وكان بعض المتأخرين يقول‏:‏ عليه وضعها في ستة أصناف؛ لأنه يقسمها، فسقط العامل، والمؤلفة سقطوا‏.‏ قال‏:‏ والصواب أن الله جعل الصدقة في معنيين‏:‏
أحدهما‏:‏ سد خلة المسلمين‏.‏ والثاني‏:‏ معونة الإسلام وتقويته‏.‏ فما كان معونة للإسلام يعطي منه الغني والفقير، كالمجاهد، ونحوه، ومن هذا الباب يعطي المؤلفة، وما كان في سد خلة المسلمين‏.‏