سئل: عمن أخرج القيمة في الزكاة فإنه كثيرا ما يكون أنفع للفقير؟‏
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عمن أخرج القيمة في الزكاة،فإنه كثيرا ما يكون أنفع للفقير‏:‏ هل هو جائز أم لا‏؟‏‏.‏
فأجاب‏:‏
وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد ـ رحمه الله ـ قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين‏.‏
والأظهر في هذا‏:‏ أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة، ممنوع منه؛ ولهذا قَدَّر النبي صلى الله عليه وسلم الجبران بشاتين، أو عشرين درهمًا، ولم يعدل إلى القيمة؛ ولأنه متى جوز إخراج القيمة مطلقًا، فقد يعدل المالك إلى أنواع رديئة، وقد يقع في التقويم ضرر؛ ولأن الزكاة مبناها على المواساة، وهذا معتبر في قدر المال وجنسه، وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل، فلا /بأس به، مثل أن يبيع ثمر بستانه، أو زرعه بدراهم، فهنا إخراج عشر الدراهم يجزيه، ولا يكلف أن يشتري ثمرًا، أو حنطة، إذ كان قد ساوي الفقراء بنفسه، وقد نص أحمد على جواز ذلك‏.‏
ومثل أن يجب عليه شاة في خمس من الإبل، وليس عنده من يبيعه شاة، فإخراج القيمة هنا كاف، ولا يكلف السفر إلى مدينة أخري ليشتري شاة، ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة؛ لكونها أنفع، فيعطيهم إياها، أو يرى الساعي أن أخذها أنفع للفقراء، كما نقل عن معاذ بن جبل أنه كان يقول لأهل اليمن‏:‏ ائتوني بخميص، أو لبيس أسهل عليكم، وخير لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار‏.‏
وهذا قد قيل‏:‏ إنه قاله في الزكاة، وقيل‏:‏ في الجزية‏.‏