سئل: عن امرأة حاضت قبل طواف الإفاضة؟
 
وَسُئِلَ ـ قدسَ الله روحه ـ عن امرأة حاضت قبل طواف الإفاضة، ولم تطهر حتي ارتحل الحاج، ولم يمكنها المقام بعدهم حتي تطهر‏.‏ فهل لها أن تطوف والحالة هذه للضرورة أم لا‏؟‏ وإذا جاز لها ذلك فهل يجب عليها دم أم لا‏؟‏ وهل يستحب لها الاغتسال مع ذلك‏؟‏ وإذا علمت المرأة من عادتها أنها لا تطهر حتي يرتحل الحاج‏؟‏ ولا يمكنها المقام بعدهم‏.‏ فهل يجب عليها الحج مع هذا‏.‏ أم لا‏؟‏ وإن لم يجب‏.‏ فهل يستحب لها أن تتقدم فتطوف أم لا‏؟‏ أفتونا مأجورين‏.‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله، العلماء لهم في الطهارة‏:‏ هل هي شرط في صحة الطواف‏؟‏ قولان مشهوران‏:‏
أحدهما‏:‏ أنها شرط، وهو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين‏.‏
والثاني‏:‏ ليست بشرط، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في الرواية الأخري‏.‏
/فعند هؤلاء لو طاف جنبًا أو محدثًا أو حاملًا للنجاسة أجزأه الطواف، وعليه دم؛ لكن اختلف أصحاب أحمد‏:‏ هل هذا مطلق في حق المعذور الذي نسي الجنابة‏؟‏ وأبو حنيفة يجعل الدم بدنة، إذا كانت حائضًا أو جنبًا‏:‏ فهذه التي لم يمكنها أن تطوف إلا حائضًا أولي بالعذر، فإن الحج واجب عليها، ولم يقل أحد من العلماء‏:‏ إن الحائض يسقط عنها الحج، وليس من أقوال الشريعة أن تسقط الفرائض للعجز عن بعض ما يجب فيها، كما لو عجز عن الطهارة في الصلاة‏.‏
فلو أمكنها أن تقيم بمكة حتي تطهر وتطوف وجب ذلك بلا ريب فأما إذا لم يمكن ذلك، فإن أوجب عليها الرجوع مرة ثانية كان قد أوجب عليها سفران للحج بلا ذنب لها، وهذا بخلاف الشريعة‏.‏
ثم هي ـ أيضًا ـ لا يمكنها أن تذهب إلامع الركب، وحيضها في الشهر كالعادة، فهذه لا يمكنها أن تطوف طاهرًا البتة‏.‏
وأصول الشريعة مبنية على أن ما عجز عنه العبد من شروط العبادات يسقط عنه، كما لو عجز المصلي عن ستر العورة، واستقبال القبلة، أو تجنب النجاسة، وكما لو عجز الطائف أن يطوف بنفسه راكبًا، وراجلًا، فإنه يحمل ويطاف به‏.‏
ومن قال‏:‏ إنه يجزئها الطواف بلا طهارة، إن كانت غير معذورة /مع الدم، كما يقوله من يقوله من أصحاب أبي حنيفة، وأحمد‏.‏ فقولهم لذلك مع العذر أولي وأحري وأما الاغتسال فإن فعلته فحسن، كما تغتسل الحائض، والنفساء للإحرام، والله أعلم‏.‏