فَصْــل: زيارة بيت المقدس
 
فَصْــل
وأما زيارة بيت المقدس، فمشروعة في جميع الأوقات، ولكن لا ينبغى أن يؤتى في الأوقات التي تقصدها الضلال، مثل وقت عيد النحر، فإن كثيرًا من الضُّلال يسافرون إليه ليقفوا هناك، والسفر إليه لأجل التعريف به معتقدًا أن هذا قربة، محرم بلا ريب، وينبغي ألا يتشبه بهم، ولا يكثر سوادهم‏.‏
/وليس السفر إليه مع الحج قربة‏.‏ وقول القائل‏:‏ قدس الله حجتك‏.‏ قول باطل لا أصل له كما يروى‏:‏ ‏(‏من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له الجنة‏)‏، فإن هذا كذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث، بل وكذلك كل حديث يروى في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ضعيف، بل موضوع، ولم يروى أهل الصحاح والسنن والمسانيد ـ كمسند أحمد وغيره ـ من ذلك شيئًا؛ ولكن الذي في السنن‏:‏ ما رواه أبو داود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ما من رجل يسلم عليَّ إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام‏)‏‏.‏ فهو يرد السلام على من سلم عليه عند قبره، ويبلغ سلام من سلم عليه من البعيد، كما في النسائى عنه أنه قال‏:‏ ‏(‏إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغوني عن أمتي السلام‏)‏‏.‏ وفي السنن عنه أنه قال‏:‏ ‏(‏أكثروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء‏)‏‏.‏ فبين صلى الله عليه وسلم أن الصلاة والسلام توصل إليه من البعيد‏.‏ والله قد أمرنا أن ن صلى عليه ونسلم‏.‏ وثبت في الصحيح أنه قال‏:‏ ‏(‏من صلى عليَّ مرة صلى الله عليه بها عشرًا‏)‏، صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا‏.‏