فصــل: هل للدعاء خصوصية قبول أو سرعة إجابة بوقت معين
 
فصــل
وأما قوله‏:‏ هل للدعاء خصوصية قبول، أو سرعة إجابة بوقت معين، أو مكان معين؛ عند قبر نبى، أو ولى، فلا ريب أن الدعاء فى بعض الأوقات والأحوال أجوب منه فى بعض‏.‏ فالدعاء فى جوف الليل أجوب الأوقات، كما ثبت فى الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ينزل ربنا إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ـ وفى رواية‏:‏ نصف الليل ـ فيقول‏:‏ من يدعونى فأستجيب له، من يسألنى فأعطيه، من يستغفرنى فأغفر له، حتى يطلع الفجر‏)‏‏.‏ وفى حديث آخر‏:‏ ‏(‏أقرب ما يكون الرب من عبده فى جوف الليل الأخير‏)‏‏.‏ والدعاء مستجاب عند نزول المطر، وعند التحام الحرب، وعند الأذان والإقامة، وفى أدبار الصلوات، وفى حال السجـود، ودعـوة الصائم، ودعـوة المسافر، ودعوة المظلوم، وأمثال ذلك، فهذا كله مما جاءت به / الأحاديث المعروفة فى الصحاح والسنن، والدعـاء بالمشاعر، كعـرفة، ومزدلفة، ومنى، والملتزم، ونحو ذلك من مشاعر مكة، والدعاء بالمساجد مطلقا‏.‏ وكلما فضل المسجد ـ كالمساجد الثلاثة ـ كانت الصلاة والدعاء فيه أفضل‏.‏
وأما الدعــاء لأجـل كون المكان فيـه قـبر نبى أو ولى، فلم يقـل أحـد مـن سلف الأمة وأئمتها‏:‏ إن الدعاء فيـه أفضـل مـن غيره، ولكن هـذا مما ابتدعـه بعض أهل القبلة؛ مضاهاة للنصارى وغيرهم من المشركين‏.‏ فأصله من دين المشركين؛ لا من دين عباد الله المخلصـين؛ كاتخاذ القبور مساجد؛ فإن هذا لم يستحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها، ولكن ابتدعـه بعض أهـل القبلـة؛ مضاهـاة لمـن لعنهـم رسول الله صلى الله عليه وسلم مـن اليهود والنصارى‏.‏