اليمين الغموس
 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى

إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم

قال الواحدي نزلت في رجلين اختصما إلى النبي في ضيعة فهم المدعي عليه أن يحلف فأنزل الله هذه الآية فنكل المدعي عليه عن اليمين وأقر للمدعي بحقه

وعن عبدالله قال قال رسول الله من حلف على يمين وهو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله تعالى وهو عليه غضبان فقال الأشعث في والله نزلت كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي فقال ألك بينة قلت لا قال لليهودي إحلف قلت يا رسول الله إنه إذن يحلف فيذهب بمالي فأنزل الله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أي عرضا يسيرا من الدنيا وهو ما يحلفون عليه كاذبين أولئك لا خلاق لهم في الآخرة أي لا نصيب لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله أي بكلام يسرهم ولا ينظر إليهم نظرا يسرهم يعني نظر الرحمة ولا يزكيهم ولا يزيدهم خيرا ولا يثني عليهم

وعن عبدالله بن مسعود قال سمعت رسول الله يقول من حلف على مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان قال عبدالله ثم قرأ علينا رسول الله تصديقه من كتاب الله إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية أخرجاه في الصحيحين

وعن أبي أمامة قال كنا عند رسول الله فقال من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة فقال رجل وإن كان يسيرا يا رسول الله قال وإن كان قضيبا من أراك أخرجه مسلم في صحيحه قال حفص بن ميسرة ما أشد هذا الحديث فقال أليس في كتاب الله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية وعن أبي ذر عن النبي قال ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم فقرأ بها رسول الله ثلاث مرات فقال أبو ذر خابوا وخسروا يا رسول الله من هم قال المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب وقال الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس أخرجه البخاري في صحيحه والغموس هي التي يتعمد الكذب فيها سميت غموسا لأنها تغمس الحالف في الإثم وقيل تغمسه في النار فصل ومن ذلك الحلف بغير الله عز وجل كالنبي والكعبة والملائكة والسماء والماء والحياة والأمانة وهي من أشد ما هنا والروح والرأس وحياة السلطان ونعمة السلطان وتربة فلان

عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن حلف فليحلف بالله أو ليصمت وفي رواية في الصحيح فمن كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليسكت وعن عبدالرحمن بن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم رواه مسلم الطواغي جمع طاغية وهي الأصنام ومنه الحديث هذه طاغية دوس أي صنمهم ومعبودهم

وعن بريدة رضي الله عنه قال قال رسول الله من حلف بالأمانة فليس منا رواه أبو داود وغيره وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله من حلف فقال إني بريء من الإسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رجلا يقول والكعبة فقال لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله يقول من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك رواه الترمذي وحسنه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهم قال وفسر بعض العلماء قوله كفر أو أشرك على التغليظ كما روي عن النبي أنه قال الرياء شرك وقال من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله وقد كان في الصحابة من هو حديث عهد بالحلف بها قبل إسلامه فربما سبق لسانه إلى الحلف بها فأمره النبي أن يبادر بقول لا إله إلا الله ليكفر بذلك ما سبق إلى لسانه وبالله التوفيق

 

كتاب الكبائر لمحمد بن عثمان الذهبي رحمه الله

الموضوع التالي


الظلم

الموضوع السابق


قطع الطريق