ما اتفق عليه المسلمون فهو حق جاء به الرسول
 
وما اتفق عليه المسلمون فهو حق جاء به الرسول؛ فإن أمته ـ ولله الحمد ـ لا تجتمع على ضلالة، كما أخبر هو صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏إن الله أجاركم على لسان نبيكم أن تجتمعوا على ضلالة‏)‏‏.‏ وما تنازعوا فيه ردوه إلى الكتاب والسنة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 59‏]‏، كما كان السلف يفعلون، فقد يكون عند هذا حديث سمعه أو معني فهمه خفي على الآخر، والآخر مأجور على اجتهاده أيضاً‏.‏ ولا إثم عليه فيما خفي عليه بعد اجتهاده، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر‏)‏‏.‏ ولو صلى أربعة أنفس إلى أربع جهات إذا أغيمت السماء كل باجتهاده فكلهم مطيع لله عز وجل، وتبرأ ذمته، لكن الذي أصاب جهة الكعبة واحد، وله أجران‏.‏ وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 78، 79‏]‏، فأثني تعالى على / النبيين جميعًا، مع أنه خص أحدهما بفهم تلك الحكومة‏.‏
والدين كله مأخوذ عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس لأحد بعده أن يغير من دينه شيئًا‏.‏ هذا دين المسلمين، بخلاف النصاري فإنهم يجوزون لعلمائهم وعبادهم أن يشرعوا شرعًا يخالف شرع الله، قال تعالى‏:‏ ‏{‏اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 31‏]‏، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنهم أحَلُّوا لهم الحرام فأطاعوهم، وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم، فكانت تلك عبادتهم إياهم‏)‏‏.‏ ولهذا كان أئمة المسلمين لا يتكلمون في شيء أنه عبادة وطاعة وقربة إلا بدليل شرعي واتباع لمـن قبلهم، لا يتكلمون في الدين بلا علم، فإن الله حرم ذلك بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 33‏]‏‏.‏
وقد اتفق أئمة الدين على أنه يشرع السفر إلى المساجد الثلاثة‏:‏ المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصي، بخلاف غير هذه الثلاثة؛ لأن في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد‏:‏ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصي‏)