فَصــل: ولاة الأمر أحق الناس بنصر دين الرسول صلى الله عليه وسلم
 
فَصــل
وولاة الأمر أحق الناس بنصر دين الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به من الهدي ودين الحق، وبإنكار ما نهى عنه وما نسب إليه بالباطل من الكذب والبدع‏.‏ إما جهلا من ناقله، وإما عمدا، فإن أصل الدين هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر‏.‏ ورأس المعروف هو التوحيد، ورأس المنكر هو الشرك‏.‏ وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدي ودين الحق، به فرق الله بين التوحيد والشرك، وبين الحق والباطل، وبين الهدي والضلال، وبين الرشاد والغي، وبين المعروف والمنكر‏.‏ فمن أراد أن يأمر بما نهى عنه، وينهى عما أمر به، ويغير شريعته ودينه، إما جهلا وقلة علم، وإما لغرض وهوي، كان السلطان أحق بمنعه بما أمر الله به ورسوله‏.‏ وكان هو أحق / بإظهار ما جاء به الرسول من الهدي ودين الحق‏.‏ فإن الله ـ سبحانه ـ لابد أن ينصر رسوله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد‏.‏ فمن كان النصر على يديه كان له سعادة الدنيا والآخرة، وإلا جعل الله النصر على يد غيره، وجازي كل قوم بعملهم، وما ربك بظلام للعبيد‏.‏
والله ـ سبحانه ـ قد وعد أنه لا يزال هذا الدين ظاهرا ولا يظهر إلا بالحق، وأنه من نكل عن القيام بالحق استبدل من يقوم بالحق، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا إلىمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 38، 39‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ على الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ على الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ علىمٌ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 54‏]‏‏.‏ وقد أري الله الناس في أنفسهم والآفاق ما علموا به تصديق ما أخبر به تحقيقا لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ‏}‏ ‏[‏فصلت‏:‏ 53‏]‏، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين‏.‏