الأصل في العقود رضى المتعاقدين
 
/ وأيضا، فإن الأصل في العقود رضى المتعاقدين‏.‏ وموجبها هو ما أوجباه على أنفسهما بالتعاقد؛ لأن الله قال في كتابه العزيز‏:‏ ‏{‏إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 29‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 4‏]‏ ، فعلق جواز الأكل بطيب النفس تعليق الجزاء بشرطه‏.‏ فدل على أنه سبب له، وهو حكم معلق على وصف مشتق مناسب‏.‏ فدل على أن ذلك الوصف سبب لذلك الحكم‏.‏ وإذا كان طيب النفس هو المبيح لأكل الصداق، فكذلك سائر التبرعات، قياسًا عليه بالعلة المنصوصة التي دل عليها القرآن‏.‏ وكذلك قوله‏:‏ ‏{‏إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 29‏]‏ ، لم يشترط في التجارة إلا التراضي، وذلك يقتضي أن التراضي هو المبيح للتجارة‏.‏ وإذا كان كذلك فإذا تراضي المتعاقدان بتجارة، أو طابت نفس المتبرع بتبرع، ثبت حله بدلالة القرآن؛ إلا أن يتضمن ما حرمه الله ورسوله؛ كالتجارة في الخمر، ونحو ذلك‏.‏