سئل عمن ضمن من ولاة الأمور ألا يباع صنف من الأصناف إلا من عنده
 
وسئل ـ رَحمه اللّه ـ عمن ضمن من ولاة الأمور ألا يباع صنف من الأصناف إلا من عنده، وذلك الصنف لا يوجد إلا عنده في تلك البقعة، ويوجد في الأماكن القريبة من نواحي تلك البقعة، بحيث تكون المسافة ما بين مصر والقاهرة، فهل يجوز الابتياع من هذا المحتكر، أم لا‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد للّه، أما هو نفسه فلا يحل له أن يفعل من وجهين‏:‏
من جهة أنه يمنع غيره من البيع الحلال‏.‏ ومن جهة أنه يضطر الناس الى الشراء منه، حتى يشتروا ما يريد، فيظلمهم بزيادة الثمن‏.‏
وأما ما يشتري منه، فإن كان قد اشتراه بمال له حلال، لم يحرم شراؤه منه؛ لأن المشتري هو المظلوم، ومن اشترى لم يأثم، ولا يحرم ما أخذه لظلم البائع له؛ فإن مثل هذا إنما يحرم على الظالم، لا على المظلوم‏.‏
وأما إن كان اشترى ما اشتراه بما ظلمه من الأموال، كان ذلك مغصوبًا محضًا، كالشراء من الغاصب، فحكم هذا ظاهر‏.‏
/وأما إن كان أصل ماله حلالًا، ولكن ربح فيه بهذه المعيشة، حتى زاد، فهذا قد صار شبهة بقدر ما خالطه من أموال الناس، فلا يقال‏:‏ هو حرام‏.‏ ولا يقال‏:‏ حلال محض، لكن إن كان الغالب عليه الحلال جاز الشراء منه، وتركه ورع‏.‏
وأما إن كان الغالب الحرام، فهل الشراء منه حلال أو حرام‏؟‏ على وجهين‏.‏ ولا ريب أن الربح الذي يحصل له بعضه يستحقه، وهو ما يستحقه مثله، فإن ماله الذي قبض منه لو قبض بعقد فاسد لوجب له مثله، أو قيمة مثله، والمشترون يأخذون سلعته، فله عليهم مثلها، أو قيمة مثلها‏.‏
ثم إن أهل الضمان يأخذون منه بعض ما ظلمه، فإن الحانوت يكون شراؤه عشرين، فيلزمونه بخمسين؛ لأجل الضمان، فتلك الثلاثون حرام عليهم، وهي قد أخذت منه‏.‏ وأما ما يبقي له من الزيادة المحرمة، فهاتيك التي ماله، ومع الحاجة، وتعدل غيره بكون الرخصة أقوي‏.‏ واللّه أعلم‏.‏