المحلل والمحلل له
 

بسم الله الرحمن الرحيم

اصح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله لعن المحلل والمحلل له قال الترمذي والعمل على ذلك عند أهل العلم منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبدالله بن عمر وهو قول الفقهاء من التابعين ورواه الإمام أحمد في مسنده والنسائي في سننه أيضا بإسناد صحيح

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل رسول الله عن المحلل فقال لا إلا نكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله عز وجل حتى يذوق العسيلة ورواه أبو إسحاق الجوزجاني وعن عقبة بن عامر قال قال رسول الله ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له رواه ابن ماجه بإسناد صحيح

وعن ابن عمر أن رجلا سأله فقال ما تقول في امرأة تزوجتها أحلها لزوجها لم يأمرني ولم يعلم فقال له ابن عمر لا إلا نكاح رغبة إن أعجبتك أمسكتها وإن كرهتها فارقتها وإنا كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله وأما الآثار عن الصحابة والتابعين

فقد روى الأثرم وابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما وسئل عمر بن الخطاب عن تحليل المرأة لزوجها فقال ذلك السفاح وعن عبدالله بن شريك العامري قال سمعت ابن عمر رضي الله عنهما وقد سئل عن رجل طلق ابنة عم له ثم ندم ورغب فيها فأراد رجل أن يتزوجها ليحلها له فقال ابن عمر كلاهما زان وإن مكثا عشرين سنة أو نحو ذلك إذا كان يعلم أنه يريد أن يحللها

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سأله رجل فقال ابن عمي طلق امرأته ثلاثا ثم ندم فقال ابن عمك عصى ربه فأندمه وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجا فقال كيف ترى في رجل يحلها له فقال من يخادع الله يخدعه وقال إبراهيم النخعي إذا كان نية أحد الثلاثة الزوج الأول أو الزوج الآخر أو المرأة التحليل فنكاح الآخر باطل ولا تحل للأول وقال الحسن البصري إذا هم أحد الثلاثة بالتحليل فقد أفسد وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها الأول فقال لا تحل وممن قال بذلك مالك بن أنس والليث بن سعد وسفيان الثوري والإمام أحمد

وقال إسماعيل بن سعيد سألت الإمام أحمد عن الرجل يتزوج المرأة وفي نفسه أن يحللها لزوجها الأول ولم تعلم المرأة بذلك فقال هو محلل وإذا أراد بذلك الإحلال فهو ملعون ومذهب الشافعي رحمه الله إذا شرط التحليل في العقد بطل العقد لأنه عقد بشرط قطعه دون غايته فبطل كنكاح المتعة وإن وجد الشرط قبل العقد فالأصح الصحة وإن عقد كذلك ولم يشرط في العقد ولا قبله لم يفسد العقد وإن تزوجها على أنه إذا أحلها طلقه ففيه قولان أصحهما أنه يبطل ووجه البطلان أنه شرط يمنع صحته دوام النكاح فأشبه التأقيت وهذا هو الأصح في الرافعي ووجه الثاني أنه شرط فاسد قارن العقد فلا يبطل كما لو تزوجها بشرط أن لا يتزوج عليها ولا يسافر بها والله أعلم فنسأل الله أن يوفقنا لما يرضيه ويجنبنا معاصيه إنه جواد كريم غفور رحيم

موعظة

لله در قوم تركوا الدنيا قبل تركها وأخرجوا قلوبهم بالنفر عن ظلام شكلها التقطوا أيام السلامة فغنموا وتلذذوا بكلام مولاهم فاستسلموا لأمره وسلموا وأخذوا مواهبه بالشكر وتسلموا هجروا في طاعته لذيذ الكرى وهربوا إليه من جميع الورى وآثروا طاعته إيثار من علم ودري ورضوا فلم يعترضوا على ما جرى وباعوا أنفسهم فيا نعم البيع ويا نعم الشراء أسلموا إليه لما سلموا الروح وخدموه والصدر لخدمته مشروع وقرعوا بابه وإذا الباب مفتوح وواصلوا البكاء فالجفن بالدمع مقروح وقاموا في الأسحار قيام من يبكي وينوح وصبروا على مقطعات الصوف ولبس المسوح وراضوا أنفسهم فإذا المذموم ممدوح تعرفهم بسيماهم عليهم آثار الصدق تلوح قد عبقوا بنشر أنسه رائحة ارتياحهم تفوح من طيب الثنا روائح لهم بكل مكان تستنشق ممسكة النفحات إلا أنها وحشية لسواهم لا تعبق

 

كتاب الكبائر لمحمد بن عثمان الذهبي رحمه الله

الموضوع التالي


عدم التنزه من البول

الموضوع السابق


الديوث