الأصل الخامس‏ المجهول في الشريعة كالمعدوم
 
/الأصل الخامس‏:‏ وهو الذي يكشف سر المسألة، وهو أن المجهول في الشريعة كالمعدوم والمعجوز عنه؛ فإن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قال‏:‏ ‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 286‏]‏ ، وقال‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏}‏ ‏[‏التغابن‏:‏ 16]‏ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم‏)‏، فالله إذا أمرنا بأمر كان ذلك مشروطًا بالقدرة عليه، والتمكن من العمل به‏.‏ فما عجزنا عن معرفته، أو عن العمل به، سقط عنا؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في اللقطة‏:‏ ‏(‏فإن جاء صاحبها فأدِّها اليه وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء‏)‏، فهذه اللقطة كانت ملكًا لمالك، ووقعت منه، فلما تعذر معرفة مالكها، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏هي مال الله يؤتيه من يشاء‏)‏، فدل ذلك على أن الله شاء أن يزيل عنها ملك ذلك المالك، ويعطيها لهذا الملتقط الذي عرفها سنة‏.‏ ولا نزاع بين الأئمة أنه بعد تعريف السنة يجوز للملتقط أن يتصدق بها‏.‏ وكذلك له أن يتملكها إن كان فقيرًا‏.‏ وهل له التملك مع الغني‏؟‏ فيه قولان مشهوران‏.‏ ومذهب الشافعي وأحمد أنه يجوز ذلك‏.‏ وأبو حنيفة لا يجوزه‏.‏
ولو مات رجل ولم يعرف له وارث صرف ماله في مصالح المسلمين، وإن كان في نفس الأمر له وارث غير معروف، حتى لو تبين الوارث يسلم اليه ماله، وإن كان قبل تبينه يكون صرفه إلى من يصرفه جائزًا،/ وأخذه له غير حرام، مع كثرة من يموت وله عصبة بعد لم تعرف‏.‏
وإذا تبين هذا فيقال‏:‏ ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم اجتنبه‏.‏ فمن علمت أنه سرق مالًا أو خانه في أمانته، أو غصبه، فأخذه من المغصوب قهرًا بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم‏.‏
وأما إن كان ذلك المال قبضه بتأويل سائغ في مذهب بعض الأئمة جاز لي أن أستوفيه من ثمن المبيع، والأجرة، والقرض، وغير ذلك من الديون‏.‏ وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعي أنه ملكه، أو يكون وليًا عليه؛ كناظر الوقف، وولي اليتيم، وولي بيت المال، أو يكون وكيلا فيه‏.‏ وما تصرف فيه المسلم أو الذمي بطريق الملك أو الولاية جاز تصرفه‏.‏
فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم، فليس أخذي لثمن المبيع، وأجرة العمل، وبدل القرض بدون أخذي اللقطة؛ فإن اللقطة أخذتها بغير / عوض، ثم لم أعلم مالكها، وهذا المال لا أعلم له مالكا غير هذا، وقد أخذته عوضًا عن حقي، فكيف يحرم هذا على‏؟‏‏!‏ لكن إن كان ذلك الرجل معروفا ـ بأن في ماله حرامًا ـ ترك معاملته ورعا‏.‏ وإن كان أكثر ماله حرامًا ففيه نزاع بين العلماء‏.‏
وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلا، ومن ترك معاملته ورعا كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل اللّه بها من سلطان‏.‏
وبهذا يتبين الحكم في سائر الأموال؛ فإن هذا الغالط يقول‏:‏ إن هذه الألحام والألبان التي تؤكل قد تكون في الأصل قد نهبت، أو غصبت‏.‏ فيقال‏:‏ المجهول كالمعدوم، فإذا لم نعلم كان ذلك في حقنا كأنه لم يكن، وهذا لأن اللّه إنما حرم المعاملات الفاسدة لما فيها من الظلم؛ فإن اللّه تعالى يقول في كتابه العزيز‏:‏ ‏{‏لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ‏}‏ ‏[‏الحديد‏:‏ 25‏]‏ ، والغصب وأنواعه، والسرقة والخيانة داخل في الظلم‏.‏
وإذا كان كذلك فهذا المظلوم الذي أخذ ماله بغير حق، ببيع أو أجرة، وأخذ منه، والمشتري لا يعلم بذلك، ثم ينقل من المشتري / إلى غيره، ثم إلى غيره، ويعلم أن أولئك لم يظلموه، وإنما ظالمه من اعتدي عليه، ولكن لو علم بهم فهل له مطالبتهم، بما لم يتلزموا ضمانه‏؟‏ على قولين للعلماء‏.‏ أصحهما أنه ليس له ذلك‏.‏
مثال ذلك‏:‏ أن الظالم إذا أودع ماله عند من لا يعلم أنه غاصب، فتلفت الوديعة، فهل للمالك أن يطالب المودع‏؟‏ على قولين‏:‏ أصحهما أنه ليس له ذلك، ولو أطعم المال لضيف لم يعلم بالظلم، ثم علم المالك فهل له مطالبة الضيف‏؟‏ على قولين‏:‏ أحدهما‏:‏ ليس له مطالبته‏.‏ ومن قال‏:‏ إن له مطالبته، لا يقول‏:‏ إن أكله حرام، بل يقول‏:‏ لا إثم عليه في أكله، وإنما عليه أداء ثمنه، بمنزلة ما اشتراه‏.‏ وصاحب القول الصحيح يقول‏:‏ لا إثم عليه في أكله، ولا غرم عليه لصاحبه بحال، وإنما الغرم على الغاصب الظالم الذي أخذه منه بغير حق‏.‏ فإذا نظرنا إلى مال معين بيد إنسان لا نعلم أنه مغصوب، ولا مقبوض قبضا لا يفيد المالك، واستوفيناه منه، أو اتهبناه منه، أو استوفيناه عن أجرة، أو بدل قرض، لا إثم علينا في ذلك بالاتفاق‏.‏
وإن كان في نفس الأمر قد سرقه أو غصبه، ثم إذا علمنا فيما بعد أنه مسروق، فعلى أصح القولين لا يجب علينا إلا ما التزمناه بالعقد، أي لا يستقر علينا إلا ضمان ما التزمناه بالعقد، فلا يستقر علينا ضمان ما أهدي أو وهب، ولا ضمان أكثر من الثمن، وكذلك الأجرة، /وبدل القرض إذا كنا قد تصرفنا فيها لم يستقر علينا ضمان بدله‏.‏
لكن تنازع الفقهاء هنا في ‏[‏مسألة‏]‏ وهي أنه‏:‏ هل للمالك تضمين هذا المغرور الذي تلف المال تحت يده، ثم يرجع إلى الغار بما غرمه بغروره‏؟‏ أم ليس له مطالبة المغرور إلا بما يستقر عليه ضمانه‏؟‏ على قولين‏:‏ هما روايتان عن أحمد‏.‏ ومثل هذا لو غصب رجل جارية فاشتراها منه إنسان، واستولدها أو وهبه إياها، فقد اتفق الصحابة والأئمة على أن أولادها من المغرور، يكونون أحرارًا؛ لأن الواطئ لا يعلم أنها مملوكة لغيره، بل اعتقد أنها مملوكته، مع اتفاقهم أن الولد يتبع أمه في الحرية والرق، ويتبع أباه في النسب والولاء، ومع هذا فجعلوا ابنه حرًا لكون الوالد لم يعلم، والمجهول كالمعدوم‏.‏ وأوجبوا لسيد الجارية بدل الولد؛ لأنه كان يستحقه لولا الغرور، فإذا خرجوا عن ملكه بغير حق كان له بدلهم، وأوجبوا له مهر أمة‏.‏
وقالوا في أصح القولين‏:‏ إن هذا يلزم الغار الظالم الذي غصب الجارية وباعها، لا يلزم المغرور المشتري إلا ما التزمه بالعقد، وهو الثمن فقط‏.‏ ثم هل لصاحبها أن يطالب المغرور بفداء الولد، والمهر، ثم يرجع به المغرور على الغار الظالم‏؟‏ أم ليس له إلا مطالبة الغار الظالم‏؟‏ على قولين‏:‏ هما روايتان عن أحمد‏.‏ ولا نزاع بين الأمة أن وطأه ليس بحرام، وأن ولده ولد رشدة لا ولد عنه‏.‏ فهو ولد حلال لا ولد / زنا، وكذلك في سائر هذه الصور لم يتنازعوا أنه لا إثم على الآكل ولا على اللابس، ولا على الواطئ الذي لم يعلم‏.‏
وإنما تنازعوا في الضمان؛ لأن الضمان من باب العدل الواجب في حقوق الآدميين، وهو يجب في العمد والخطأ‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 92‏]‏ ، فقاتل النفس خطأ لا يأثم، ولا يفسق بذلك؛ ولكن عليه الدية، وكذلك من أتلف مالًا مغصوبا خطأ فعليه بدله، ولا إثم عليه، فقد تبين أن الإثم منتف مع عدم العلم‏.‏
وحينئذ، فجميع الأموال التي بأيدي المسلمين واليهود والنصاري التي لا يعلم بدلالة ولا أمارة أنها مغصوبة أو مقبوضة قبضًا لا يجوز معه معاملة القابض، فإنه يجوز معاملتهم فيها بلا ريب، ولا تنازع في ذلك بين الأئمة أعلمه‏.‏
ومعلوم أن غالب أموال الناس كذلك، والقبض الذي لا يفيد الملك هو الظلم المحض، فأما المقبوض بعقد فاسد كالربا والميسر؛ونحوهما،فهل يفيد الملك‏؟‏على ثلاثة أقوال للفقهاء‏:‏
أحدها‏:‏ أنه يفيد الملك، وهو مذهب أبي حنيفة‏.‏
والثاني‏:‏ لا يفيده، وهو مذهب الشافعي، وأحمد في المعروف / من مذهبه‏.‏
والثالث‏:‏ أنه إن فات أفاد الملك، وإن أمكن رده إلى مالكه ولم يتغير في وصف ولا سعر لم يفد الملك، وهو المحكي عن مذهب مالك‏.‏
وهذه الأمور والقواعد قد بسطناها في غير هذا الجواب، ولكن نبهنا على قواعد شريفة تفتح
باب الاشتباه في هذا الأصل، الذي هو أحد أصول الإسلام، كما قال الإمام أحمد وغيره‏:‏ إن أصول الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏الحلال بين والحرام بين‏)‏، وقوله‏:‏ ‏(‏إنما الأعمال بالنيات‏)‏، وقوله‏:‏ ‏(‏من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏‏.‏ فإن الأعمال إما مأمورات، وإما محظورات، والأول فيه ذكر المحظورات والمأمورات، إما قصد القلب، وهو النية، وإما العمل الظاهر، وهو المشروع الموافق للسنة، كما قال الفضيل ابن عياض في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا‏}‏ ‏[‏الملك‏:‏ 2‏]‏ ، قال‏:‏ أخلصه وأصوبه، قالوا‏:‏ يا أبا على، ما أخلصه، وأصوبه‏؟‏ قال‏:‏ إن العمل إذا كان خالصا، ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإن كان صوابًا، ولم يكن خالصا، لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا‏.‏ والخالص أن يكون للّه، والصواب أن يكون على السنة‏.‏
فتبين أن ما ذكره هذا القائل الذي قال‏:‏ أكل الحلال متعذر، ولا يمكن وجدوه في هذا الزمان، قوله خطأ مخالف للإجماع، بل / الحلال هو الغالب على أموال الناس، وهو أكثر من الحرام، وهذا القول قد يقوله طائفة من المتفقهة المتصوفة، وأعرف من قاله من كبار المشايخ بالعراق، ولعله من أولئك انتقل إلى بعض شيوخ مصر‏.‏ ثم الذي قال ذلك لم يرد أن يسد باب الأكل، بل قال‏:‏ الورع حينئذ لا سبيل اليه‏.‏ ثم ذكر ما يأتي فيما يفعل ويترك‏.‏ لم يحضرني الآن‏.‏
فليتدبر العاقل، وليعلم أنه من خرج عن القانون النبوي الشرعي المحمدي الذي دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، احتاج إلى أن يضع قانونًا آخر متناقضا يرده العقل والدين، لكن من كان مجتهدًا امتحن بطاعة اللّه ورسوله، فإن اللّه يثيبه على اجتهاده، ويغفر له خطأه‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 10‏]‏ ‏.‏
وما ذكره من أن وقعة المنصورة لما لم تقسم فيها المغانم، واختلطت فيها المغانم، دخلت الشبهة‏.‏
الجواب عنه من كلامين‏:‏
أحدهما‏:‏ أن يقال‏:‏ الذي اختلط بأموال الناس من الحرام المحض كالغصب الذي يغصبه القادرون من الولاة والقطاع، أو أهل الفتن، وما يدخل في ذلك من الخيانة في المعاملات أكثر من ذلك بكثير، / لا سيما في هذه البلاد المصرية؛ فإنها أكثر من الشام والمغرب ظلمًا، كظلم بعضهم بعضا في المعاملات بالخيانة، والغش، وجحد الحق، ولكثرة ما فيها من ظلم قطاع الطريق والفلاحين والأعراب، ولكثرة ما فيها من الظلم الموضوع من المتولين بغير حق‏.‏ فإحالة التحريم على هذا الأمر أولي من إحالته على المغانم‏.‏
الثاني‏:‏ أن تلك المغانم قد ذكرنا مذهب الفقهاء فيها، وبينا أن الصحيح أن الإمام إذا أذن في الأخذ من غير قسم جاز، وأنه إذا لم يجز فمن أخذ مقدار حقه جاز، وأن من أخذ أكثر من حقه، وتعذر رده على أصحابه لعدم العلم بهم، فإنه يتصدق به عنهم، وأنه لو لم يتصدق به عنهم وتصرف فيه، فمتي وصل اليه منه شيء لم يعلم بحاله لم يكن محرمًا عليه، ولا عليه فيه إثم‏.‏ وهذا الحكم جار في سائر الغصوب المذكورة‏.‏
وتبين بما ذكرناه أن من آجر نفسه أو دوابه أو عقاره أو ما يتعلقه، وأخذ الثمن والأجرة لم يحرم عليه‏.‏ سواء علم ذلك الثمن والأجرة حلالا للمالك، أو لم يعلم حاله بأن كان مستورًا، وإن علم أنه غصب تلك الدراهم، أو سرقها، أو قبضها بوجه لا يبيح أخذها به لم يجز أخذها عن ثمنه وأجرته، مع أن هذا فيه نزاع بين الفقهاء تضيق هذه الورقة عن بسطه‏.‏
/وأما قول القائل‏:‏ الدرهم كيف قبل التغير، وصار حرامًا بالسبب الممنوع، ولم يقبل التغير فيصير حلالا بالسبب المشروع‏.‏
فيقال له‏:‏ بل قبل التغير فيما حرم لوصفه، لا بما حرم لكسبه‏.‏ فالأول مثل الخمر، فإنها لما كانت عصيرًا لم تصر حلالًا طاهرًا، فلما تخمرت كانت حراما نجسًا، فإذا تخللت بفعل اللّه من غير قصد لتخليلها كانت خل خمر حلالا طاهرا باتفاق العلماء؛ وإنما تنازعوا فيما إذا قصد تخليلها‏.‏
وتنازعوا في سائر النجاسات كالخنزير إذا صار ملحًا، والنجاسة إذا صارت رمادًا‏.‏ فقيل‏:‏ لا يطهر كقول الشافعي، وأحد القولين في مذهب مالك، وأحمد‏.‏ والثاني‏:‏ مثل المال المغصوب هو حرام؛ لأنه قبض بالظلم، فإذا قبض بحق أبيح، مثل أن يأذن فيه المالك للغاصب، أو يهبه إياه، أو يبيعه منه، أو يقبضه المالك، أو وليه، أو وكيله‏.‏ ثم الغاصب إذا أعطاه لمن لا يعلم أنه مغصوب، كان قبضه بحق؛ لأن اللّه لم يكلفه مالا يعلم، وكذلك بين قبضه من القابض بحق‏.‏ وقد تقدم الكلام في الضمان‏.‏ واللّه أعلم‏.