سئل عن رجلين تبايعا عينًا
 
سئل ـ رحمه الله ـ عن رجلين تبايعا عينًا، وشرطا لكل واحد منهما فسخ البيع وإمضاءه في مدة معتبرة شرعًا‏:‏ فهل يعتبر الخيار في الإمضاء والفسخ‏؟‏ أو في الفسخ دون الإمضاء‏؟‏ ويكون ذكر الإمضاء لغوًا أو لا يعتبران معًا‏؟‏ فإن قيل‏:‏ إن ذكر الإمضاء لغو فلا كلام‏.‏ وإن قيل‏:‏ إنهما يعتبران، ولكل من اللفظين أثر في الحكم، فإذا اختار أحدهما الإمضاء والآخر الفسخ، فهل القول قول من اختار الفسخ، أو السابق منهما‏؟‏ أفتونا مأجورين‏.‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله رب العالمين، إذا كان الأمر كما ذكر، واختار أحدهما فسخ البيع فله فسخه بدون رضي الآخر، ولو سبق الآخر بالإمضاء‏.‏ والإمضاء المقرون بالفسخ يقصد به ترك الفسخ‏:‏ أي لكل منهما أن يفسخه، وألا يفسخه؛ فإنه إذا لم يفسخاه إلى انقضاء المدة، لا يقصد به التزام الآخر بالعقد؛ لأن تفسيره بذلك ينافي أن يكون / للآخر الفسخ، وهو قد جعل لكل منهما الفسخ‏.‏
وإن أراد بإمضائه‏:‏ إمضاءه هو العقد، بمعني إسقاط حقه من الخيار، كان ذلك صحيحًا، ولكن إذا سقط خياره لم يسقط خيار الآخر، ولكن المعني المعروف في مثل هذه العبارة‏:‏ أن لكل منهما أن يفسخه، وألا يفسخه‏.‏ وإذا لم يفسخه فقد أمضاه‏.‏ ونظير هذا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 231‏]‏ ، فإن التسريح هو ترك الإمساك، بحيث لا يحبسها‏.‏ ولا يحتاج التسريح إلى إحداث طلاق، كذلك إمضاء العقد لا يحتاج إلى إحداث إمضاء‏.‏ والله أعلم‏.‏