وسئل عمن يقول [‏السيميا‏]‏ و ‏[‏الكيمياء‏]‏ علمان من علوم الأنبياء والأولياء
 
وسئل عمن يقول‏:‏ إن ‏[‏السيميا‏]‏ و ‏[‏الكيمياء‏]‏ علمان من علوم الأنبياء والأولياء‏.‏ ويروي بعضهم في الكيمياء ـ وهو الفضة الخدماء أو المخدمة ـ من أسفاها أكل الحلال ونحو ذلك‏؟‏
فأجاب‏:‏
وأما من قال‏:‏ إن ‏[‏السيميا والكيمياء‏]‏ من علوم الأنبياء والأولياء فكاذب مفتر، لم يعرف عن نبي من الأنبياء أنه تكلم لا في هذا، ولا في هذا، ولا عن ولي مقبول عند الأمة‏.‏
أما ‏[‏السيميا‏]‏ فإنها من السحر، ‏{‏وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى‏}‏ ‏[‏طه‏:‏ 69‏]‏ ‏.‏/ ولا ريب أن السحرة قد يشتبهون بالأنبياء والأولياء، ويأتون ما يظن أن يضاهي ما تأتي به الأنبياء، كما أتي سحرة فرعون بما يضاهون به معجزة موسى، ‏{‏فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏سَاجِدِينَ‏}‏ ‏[‏الشعراء‏:‏ 45، 46‏]‏
وأما ‏[‏الكيمياء‏]‏ ‏:‏ فهو المشبه بالذهب والفضة المخلوقين‏.‏ والكيمياء لا تختص بهذين، بل تصنع كيمياء الجواهر‏.‏ كاللؤلؤ والزبرجد‏.‏ وكيمياء المشمومات‏:‏ كالمسك والعنبر والورد، وكيمياء المطعومات‏.‏ وهي باطلة طبعًا، محرمة شرعًا، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏من غشنا فليس منا‏)‏‏.‏
و ‏[‏الكيمياء‏]‏ من الغش؛ فإن الله لم يخلق شيئًا إلا بقدر، والخلق لا يصنعون مثل ما خلق الله تعالى، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ‏}‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 16‏]‏ ‏.‏ وفي الحديث الصحيح يقول الله تعالى‏:‏ ‏(‏ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا شعيرة‏)‏‏.‏
والفلاسفة يقولون‏:‏ إن الصناعة لا تعمل عمل الطبيعة‏:‏ يعني أن المصنوع من الذهب والفضة وغيرهما لا يكون مثل المطبوع الذي خلق بالقوة الطبيعية السارية في الأجسام؛ ولهذا لا يوجد من المخلوقات ما صنع الخلق مثله، وما يصنعه الخلق لم يخلق لهم مثله، فهم يطحنـون / الطعام، وينسجون الثياب، ويبنون البيوت، ولم يخلق لهم مثل ذلك‏.‏
وكذلك الزجاج يصنعونه من الرمل والحصي، ولم يخلق مثله‏.‏ وهذا مما احتج به الكيماوية على صحة الكيمياء، وهي حجة باطلة لما ذكر، فإنه لو خلق زجاج، وصنع زجاج مثله، لكان في هذا حجة، وليس الأمر كذلك‏.‏
وجماهير العقلاء من الأولين والآخرين، الذين تكلموا بعلم في هذا الباب، يعلمون أن الكيمياء مشبه، وأن الذهب المخلوق من المعادن ما يمكن أن يصنع مثله، بل ولا يصنع، وكل ينكشف قريبًا، أو بعيدًا، ولكن منه ما هو شديد الشبه، ومنه ما هو أبعد شبهًا منه‏.‏ وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع‏