سئل عن رجل اشتري صُبْرَة مجازفة ثم تلفت
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عن رجل اشتري صُبْرَة مجازفة، ثم تلفت على ملك المشتري قبل قبضها، ثم باعها قبل قبضها من غير أن يعلم تلفها‏.‏
فإذا قلنا‏:‏ إن المشتري الأول لم يجز له بيعها قبل قبضها‏.‏ فتلفت، فهل هي من ماله‏؟‏ أو من مال البائع الأول‏؟‏ وهل ذكر أحد من العلماء‏:‏ أن المشتري الأول إذا لم يجز له التصرف فيها قبل القبض فتلفت، يكون ضامنا لها، أو أن جواز التصرف والضمان متلازمان طردا وعكسًا‏؟‏‏.‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله، أما في هذه الصورة، فالبيع باطل بالاتفاق، إذا تلف المبيع وقت العقد، سواء باعها بالصفة، أو بغير الصفة، أو باعها برؤية سابقة على العقد، بل في مثل هذه الصورة لو تلفت بعد العقد، وقبل وجودها على الصفة، أو الرؤية الأولي، لا يفسخ البيع‏.‏ فأما إذا تبين أنها كانت تالفة حين العقد، فالبيع باطل بلا ريب‏.‏
وأما ضمانها، فظاهر مذهب مالك وأحمد‏:‏ أن التلف من ضمان / المشتري؛ لما احتج به من حديث الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال‏:‏ ‏(‏مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حيا مجموعا، فهو من ضمان المشتري‏)‏ إذ ظاهر مذهب أحمد أن ما كان متعينًا بالعقد لا يحتاج إلى توفية بكيل أو وزن ونحوهما، بحيث يكون المشتري قد تمكن من قبضه، فهو من ضمانه، قبضه أو لم يقبضه‏.‏
وأما مذهب أبي حنيفة والشافعي‏:‏ فإنها من ضمان البائع، وهي الرواية الأخري عن أحمد، واختارها أبو محمد، لكن الصواب في ذلك متنوع‏.‏ فمذهب أبي حنيفة‏:‏ لا يدخل المبيع كله في ضمان المشتري إلا بالقبض، إلا العقار‏.‏ وعند الشافعي‏:‏ العقار وغيره سواء، وهو رواية عن أحمد‏.‏
وعن أحمد رواية بالفرق بين المكيل والموزون وغيرهما‏.‏ ورواية بالفرق بين الطعام وغيره‏.‏ ورواية بالفرق بين المطعوم‏:‏ المكيل الموزون وغيره‏.‏ وهذا في القبض عنه، كالروايات في الربا‏.‏