سئل عن رجل اضطر إلى قرضة دراهم فلم يجد من يقرضه إلا رجل يأخذ الفائدة
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عن رجل اضطر إلى قرضة دراهم، فلم يجد من يقرضه إلا رجل يأخذ الفائدة، فيأتي السوق يشتري له بضاعة بخمسين، ويبيعها له بربح معين إلى مدة معينة، فهل هي قنطرة الربا‏؟‏
فأجاب‏:‏
إذا اشتري له بضاعة، وباعها له فاشتراها منه، أو باعها للثالث صاحبها الذي اشتراها المقرض منه، فهذا ربا‏.‏
والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين في تحريم ذلك كثيرة؛ مثل حديث عائشة لأم ولد زيد بن أرقم، قالت لها‏:‏ يا أم المؤمنين، إني ابتعت من زيد بن أرقم غلاما إلى العطاء، بثمانمائة درهم نسيئة ثم ابتعته منه بستمائة نقدا‏.‏ فقالت عائشة‏:‏ بئس / ما شريت، وبئس ما اشتريت، أخبري زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن يتوب‏.‏ فقالت‏:‏ يا أم المؤمنين، أرأيت إن لم أجد إلا رأس مالي‏؟‏ فقالت عائشة‏:‏ ‏{‏فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 275‏]‏ ‏.‏ وعن أنس بن مالك‏:‏ أنه سئل عن مثل ذلك‏.‏ فقال‏:‏ هذا ما حرم الله‏.‏
وأما الذي لم يعد إلى البائع بحال، بل باعها المشتري من مكان آخر لجاره، فهذا يسمي ‏[‏التورق‏]‏ وقد تنوزع في كراهته‏.‏ فكرهه عمر بن عبد العزيز، والإمام أحمد بن حنبل ـ رضي الله عنه ـ في إحدى الروايتين‏.‏ وقال عمر بن عبد العزيز‏:‏ التورق أخية الربا، أي‏:‏ أصل الربا‏.‏ وهذا القول أقوي‏.‏