سئل عن رجل طلب من إنسان ألف درهم إلى سنة بألف ومائتي درهم فباعه
 
وسئل عن رجل طلب من إنسان ألف درهم إلى سنة بألف ومائتي درهم، فباعه فرسا أو قماشا بألف درهم، واشتراه منه بألف ومائتي درهم إلى أجل معلوم، فهل يجوز ذلك‏؟‏
فأجاب‏:‏
لا يحل له ذلك، بل هو ربا باتفاق الصحابة وجمهور /العلماء، كما دلت على ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ سئل ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ عن رجل باع حريرة، ثم ابتاعها لأجل زيادة درهم، فقال‏:‏دراهم بدراهم، دخلت بينهما حريرة‏.‏
وسئل عن ذلك أنس بن مالك، فقال‏:‏هذا مما حرم الله ورسوله‏.‏ وقالت عائشة لأم ولد زيد بن أرقم في نحو ذلك‏:‏ بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أخبري زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن يتوب‏.‏
فمتى كان مقصود المتعامل دراهم بدراهم إلى أجل ـ فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ـ فسواء باع المعطي الأجل، أو باع الأجل المعطي، ثم استعاد السلعة‏.‏ وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا‏)‏‏.‏ وفيه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا تبايعتم بالعينة؛ واتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله، أرسل الله عليكم ذلا لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم‏)‏ وهذا كله في بيع العينة، وهو بيعتان في بيعة‏.‏
وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح مالم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك‏)‏‏.‏ قال الترمذي‏:‏ حديث صحيح‏.‏ فحرم النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع الرجل / شيئا، ويقرضه مع ذلك؛ فإنه يحابيه في البيع لأجل القرض، حتى ينفعه، فهو ربا‏.‏
وهذه الأحاديث وغيرها تبين أن ما تواطأ عليه الرجلان، بما يقصدان به دراهم بدراهم أكثر منها إلى أجل، فإنه ربا، سواء كان يبيع ثم يبتاع، أو يبيع ويقرض، وما أشبه ذلك‏.‏ والله أعلم‏.‏