سئل عمن عليه حق وامتنع هل يجب إقراره بالعقوبة‏
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عمن عليه حق وامتنع، هل يجب إقراره بالعقوبة‏؟‏
فأجاب‏:‏
حكم الشريعة‏:‏ أن من وجب عليه حق وهو قادر على أدائه، وامتنع من أدائه، فإنه يعاقب بالضرب والحبس مرة بعد مرة، حتي /يؤدي، سواء كان الحق دينا عليه، أو وديعة عنده، أو مال غصب، أو عارية، أو مالا للمسلمين، أو كان الحق عملا؛ كتمكين المرأة زوجها من الاستمتاع بها، وعمل الأجير ما وجب عليه من المنفعة‏.‏ وهذا ثابت بالكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 34‏]‏ فأباح الله سبحانه للرجل أن يضرب المرأة إذا امتنعت من الحق الواجب عليها، من المباشرة، وفراش زوجها‏.‏
وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏مَطْلُ الغني ظلم‏)‏ أخرجاه في الصحيحين‏.‏ وقال‏:‏ ‏(‏لَي الواجد يحل عرضه وعقوبته‏)‏ رواه أهل السنن‏.‏ واللي‏:‏ هو المطل، والواجد‏:‏ هو القادر‏.‏ فأخبر صلى الله عليه وسلم أن مطل الغني ظلم، وأن ذلك يحل عرضه وعقوبته، فثبت أن عقوبة المماطل مباحة‏.‏
وروي البخاري في صحيحه‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل خيبر على الصفراء والبيضاء والسلاح، وسأل عم حيي بن أخطب عن كنزه، فقال‏:‏ يا محمد، أذهبته النفقات، فقال للزبير‏:‏ ‏(‏دونك هذا‏)‏ فأخذه الزبير فمسه بشيء من العذاب‏.‏ فقال‏:‏ رأيته يأتي إلى هذه الخربة، وكان في جلد ثور‏.‏ لما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل الذي يعلم مكان المال الذي يستحقه النبي صلى الله عليه وسلم،/ وقد أخفاه، أمر الزبير بعقوبته، حتي دلهم على المال، ومن كتم ماله أولي بالعقوبة، وقد ذكر هذه المسألة الفقهاء من أصحاب مالك والشافعي، وأحمد، وغيرهم، ولا أعلم فيه خلافًا‏.‏ وقد ذكروا بأن الممتنع من أداء الواجب من الدين وغيره إذا أصر على الامتناع فإنه يعاقب ويضرب مرة بعد مرة حتي يؤديه، ولا يقتصر على ضربه مرة، بل يفرق عليه الضرب في أيام متعددة، حتي يؤدي‏.‏
وقد أجمع العلماء على أن التعزير مشروع في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة‏.‏ والمعاصي نوعان‏:‏ ترك واجب، وفعل محرم‏.‏ فمن ترك أداء الواجب مع القدرة عليه فهو عاصٍ، مستحق للعقوبة، والتعزير‏.‏ والله ـ سبحانه ـ أعلم‏.‏