سئل عمن استأجر حانوتا من مباشري الأوقاف
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عمن استأجر حانوتا من مباشري الأوقاف مدة معينة، بأجرة معينة، وتسلم الحانوت، وانتفع به، وقبضوا منه ما استحق لهم من الأجرة، ولو أراد الإقالة ما أقالوه إلا بانقضاء المدة‏.‏ فهل لهم أن يقبلوا عليه زيادة ممن زاد عليه قبل أن تنقضي مدة إجارته‏؟‏ أم لا‏؟‏
فأجاب‏:‏
ليس لهم أن يقبلوا الزيادة عليه ـ والحال هذه ـ سواء كان هذا وقفا، أو ملك يتيم، أو غير ذلك‏.‏
ومن استجاز أن يقبل الزيادة، ولا يمكن المستأجر الخروج إذا أراد، فقد خالف إجماع المسلمين؛ فإن الإجارة إن كانت فاسدة، أو غير جائزة، كان لكل من المؤجر والمستأجر تركها‏.‏ وإن كانت صحيحة لازمة، لم يكن لواحد منهما فسخها بغير سبب يوجب ذلك؛ لأجل الزيادة ونحوها‏.‏ فأما أن تجعل جائزة من جانب المؤجر، لازمة من جانب المستأجر، فهذا خلاف إجماع المسلمين‏.‏
وأيضا، فإن زعم الناظر أنه لم يؤجر هذا المكان، أو أجره إجارة فاسدة، كان ذلك قادحا في نظره، وعدالته؛ لأنه إقرار منه بأنه يسلم /العين الموقوفة إلى من لا يجوز تسليمها اليه، وتمكينه بغير أجرة مسماة؛ ولا نزاع أن الناظر ليس له ذلك‏.‏
وأيضا، فإن هذا إقرار منه بأن المستأجر لا تجب عليه الأجرة المسماة؛ وإنما يجب عليه أجرة المثل‏.‏ وأجرة المثل كثيرا ما تكون دون المسماة، فيكون ذلك إقرارا على نفسه بأنه ضامن لما فوته على أهل الوقف‏.‏ ولو ادعي الناظر أن الإجارة كانت فاسدة، وادعي المستأجر أنها صحيحة لكان القول قول من يدعي الصحة؛ إذ الأصل في عقود المسلمين الصحة‏.‏ والله أعلم‏.‏