فصل في من استأجر أرضا للازدراع فأصابتها آفة
 
فصل
وأما إذا استأجر أرضا للازدراع، فأصابتها آفة، فإذا تلف الزرع بعد تمكن المستأجر من أخذه، مثل أن يكون في البيدر، فيسرقه اللص، أو يؤخر حصاده عن الوقت حتي يتلف‏.‏ فهنا يجب على المستأجر الأجرة‏.‏
وأما إذا كانت الآفة مانعة من الزرع، فهنا لا أجرة عليه بلا نزاع‏.‏
وأما إذا نبت الزرع، ولكن الآفة منعته من تمام صلاحه،مثل /نار أو ريح أو برد،أو غير ذلك، مما يفسده، بحيث لو كان هناك زرع غيره لأتلفته‏.‏ فهنا فيه قولان‏:‏
أظهرهما‏:‏ أن يكون من ضمان المؤجر؛ لأن هذه الآفة أتلفت المنفعة المقصودة بالعقد؛ لأن المقصود بالعقد المنفعة التي يثبت بها الزرع حتي يتمكن من حصاده، فإذا حصل للأرض ما يمنع هذه المنفعة مطلقا، بطل المقصود بالعقد قبل التمكن من استيفائه‏.‏
ومثل هذا لو كانت الأرض سبخة فتلف الزرع، أو كانت إلى جانب بحر، أو نهر، فأتلف الماء تلك الأرض، قبل كمال الزرع، ونحو ذلك‏.‏ ففي هذه الصور كلها تتلف من ضمان المؤجر‏.‏ وليس على المستأجر أجرة ما تعطل الانتفاع به‏.‏ كما لو ماتت الدابة المستأجرة، أو انقطع الماء، ولم يمكن الانتفاع بها في شيء من المنفعة المقصودة بالعقد، وأمثال هذه الصور‏.‏ وليس هذا مثل أن يسرق ماله، أو يحترق من الدار؛ فإن المنفعة المقصودة بالعقد لم تتغير، فإنه يمكن أن ينتفع بها هو وغيره؛ بأن يحفظها من اللص أو الحريق‏.‏
ونظير ذلك أن يتلف المال الذي اكتري الدابة لحمله؛ فإن الأجرة عليه؛ بخلاف ما إذا كانت الآفة مانعة من الانتفاع مطلقا له ولغيره؛ فإن هذا بمنزلة موت الدابة، واحتراق الدار المؤجرة‏.‏ ونظير سرقة /متاعه من الدار‏:‏ أن يسرق سارق زرعه‏.‏ وأما إذا جاء جيش عام، فأفسد الزرع، فهذه آفة سماوية؛ فإن هذا لا يمكن تضمينه؛ ولا الاحتراز منه‏.‏ ونظيره أن يجيء جيش عام فيخرج الناس من مساكنهم التي يسكنونها‏.‏