فصل إن ترك الجائحة إلى حين الجذاذ فتلفت
 
فصل
هذا إذا تلفت قبل كمال صلاحها ووقت جذاذها‏.‏ فإن تركها إلى حين الجذاذ فتلفت حينئذ، فكذلك عند أصحابنا‏.‏ ونقل عن مالك أنها تكون من ضمان المشتري‏.‏ وللشافعي قولان؛ وذلك لأنه لم يبق على البائع شيء من التسليم، والمشتري لم يحصل منه تفريط، لا خاص ولا عام، فإن تأخيرها إلى هذا الحين من موجب العقد‏.‏ فأصحابنا راعوا عدم تمكن المشتري، وعدم تفريطه، والمنازع راعي تسليم البائع وتمكينه‏.‏
وأما إن تركها حتي تجاوز وقت نقلها وتكامل بلوغها، ثم تلفت‏:‏ /ففيها لأصحابنا ثلاثة أوجه‏:‏
أحدها‏:‏ أن تكون من ضمان البائع أيضًا؛ لعدم كمال قبض المشتري، وهو الذي قطع به القاضي في المجرد، وابن عقيل، وأكثر الأصحاب، وهو مذهب مالك والشافعي، لكن القاضي في المجرد علله بما إذا لم يكن له عذر؛ دون ما إذا عاقه مرض أو مانع‏.‏ وأما غيره فذهبوا إلى الوجه الثالث، وهو عدم اعتبار إمكان الرفع والجد‏.‏ قال ابن عقيل‏:‏ هذا هو الذي يقتضيه مذهبنا‏.‏ وهو كما قال؛ فإن هذه الثمرة بمنزلة المنفعة في الإجارة‏.‏ ولو حال بين المستأجر وبينها حائل يخصه، مثل مرضه ونحوه لم تسقط عنه الأجرة؛ بخلاف العام، فإنه يسقط أجرة ما ذهب به من المنفعة‏.‏