سئل عن رجل أسلم‏ هل يبقى له ولاية على أولاده الكتابيين‏
 
وسئل ـ قدس الله روحه ـ عن رجل أسلم‏:‏ هل يبقى له ولاية على أولاده الكتابيين‏؟‏
فأجاب‏:‏
لا ولاية له عليهم في النكاح، كما لا ولاية له عليهم في الميراث، فلا يزوج المسلم الكافرة، سواء كانت بنته أو غيرها، ولا يرث كافر مسلما، ولا مسلم كافرا‏.‏ وهذا مذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم من السلف والخلف، / لكن المسلم إذا كان مالكاً للأمة زوجها بحكم الملك، وكذلك إذا كان ولي أمر زواجها بحكم الولاية‏.‏ وأما بالقرابة والعتاقة فلا يزوجها؛ إذ ليس في ذلك إلا خلاف شاذ عن بعض أصحاب مالك في النصراني يزوج ابنته، كما نقل عن بعض السلف أنه يرثها؛ وهما قولان شاذان‏.‏ وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم، ولا يتزوج الكافر المسلمة‏.‏
والله ـ سبحانه ـ قد قطع الولاية في كتابه بين المؤمنين والكافرين، وأوجب البراءة بينهم من الطرفين، وأثبت الولاية بين المؤمنين، فقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ٍ‏}‏ ‏[‏الممتحنة‏:‏ 4‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ واليوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ‏}‏‏[‏المجادلة‏:‏ 22‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 51ـ56‏]‏، والله تعالى إنما أثبت الولاية بين أولى الأرحام بشرط الإيمان، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 6‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 72ـ75‏]‏‏.‏