سئل عن رجل تزوج بامرأة فشرط عليه عند النكاح أنه لا يتزوج عليها
 
وسئل ـ رحمه اللّه ـ عن رجل تزوج بامرأة فشرط عليه عند النكاح أنه لا يتزوج عليها، ولا ينقلها من منزلها‏.‏ وكانت لها ابنة فشرط عليه أن تكون عند أمها وعنده ما تزال فدخل على ذلك كله‏:‏ فهل يلزمه الوفاء‏؟‏وإذا أخلف هذا الشرط‏:‏ فهل للزوجة الفسخ، أم لا‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد للّه، نعم تصح هذه الشروط وما في معناها في مذهب الإمام أحمد، وغيره من الصحابة والتابعين وتابعيهم‏:‏ كعمر بن الخطاب، وعمرو بن العاص ـ رضي اللّه عنهما ـ وشريح القاضي، والأوزاعي، وإسحاق؛ ولهذا يوجد في هذا الوقت صداقات أهل المغرب القديمة لما كانوا على مذهب الأوزاعي فيها هذه الشروط‏.‏ ومذهب مالك إذا شرط أنه إذا تزوج عليها أو تسري أن يكون أمرها بيدها ونحو ذلك، صح هذا الشرط ـ أيضا ـ وملكت الفرقة به‏.‏ وهو في المعني نحو مذهب أحمد في ذلك؛ لما أخرجاه في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج‏)‏‏.‏ وقال عمر بن الخطاب‏:‏ مقاطع الحقوق عند الشروط /فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يستحل به الفروج من الشروط أحق بالوفاء من غيره، وهذا نص في مثل هذه الشروط؛ إذ ليس هناك شرط يوفي به بالإجماع غير الصداق والكلام، فتعين أن تكون هي هذه الشروط‏.‏
وأما شرط مقام ولدها عندها، ونفقته عليه، فهذا مثل الزيادة في الصداق، والصداق يحتمل من الجهالة فيه ـ في المنصوص عن أحمد وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ـ ما لا يحتمل في الثمن والأجرة‏.‏ وكل جهالة تنقص على جهالة مهر المثل تكون أحق بالجواز؛ لاسيما ومثل هذا يجوز في الإجارة ونحوها في مذهب أحمد وغيره‏:‏ إن استأجر الأجير بطعامه وكسوته، ويرجع في ذلك إلى العرف، فكذلك اشتراط النفقة على ولدها يرجع فيه إلى العرف بطريق الأولى‏.‏
ومتى لم يوف لها بهذه الشروط فتزوج، وتسري، فلها فسخ النكاح‏.‏ لكن في توقف ذلك على الحاكم نزاع؛ لكونه خيارآً مجتهدا فيه، كخيار العنة والعيوب؛ إذ فيه خلاف‏.‏ أو يقال‏:‏ لا يحتاج إلى اجتهاد في ثبوته، وإن وقع نزاع في الفسخ به، كخيار المعتقة‏:‏ يثبت في مواضع الخلاف عند القائلين به بلا حكم حاكم مثل أن يفسخ على التراخي‏.‏ وأصل ذلك أن توقف الفسخ على الحكم هل هو الاجتهاد في ثبوت الحكم ـ أيضا‏؟‏أو أن الفرقة يحتاط لها‏؟‏والأقوي‏:‏ أن الفسخ المختلف فيه كالعنة لا يفتقر إلى حكم حاكم، لكن إذا رفع إلى حاكم يري فيه إمضاءه أمضاه، وإن رأي إبطاله أبطله‏.‏ واللّه أعلم‏.‏