سئل عمن شرط أنه لا يتزوج على الزوجة ولا يتسرى
 
/وسئل ـ رَحمه اللّه ـ عمن شرط أنه لا يتزوج على الزوجة ولا يتسري، ولا يخرجها من دارها أو من بلدها، فإذا شرطت على الزوج قبل العقد، واتفقا عليها، وخلا العقد عن ذكرها‏:‏ هل تكون صحيحة لازمة يجب العمل بها كالمقارنة، أو لا‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد للّه، نعم تكون صحيحة لازمة إذا لم يبطلاها، حتى لو قارنت عقد العقد‏.‏ هذا ظاهر مذهب الإمام أبي حنيفة والإمام مالك وغيرهما في جميع العقود، وهو وجه في مذهب الشافعي‏:‏ يخرج من مسألة صداق السر والعلانية‏.‏ وهكذا يطرده مالك وأحمد في العبادات؛ فإن النية المتقدمة عندهما كالمقارنة‏.‏ وفي مذهب أحمد قول ثان‏:‏ أن الشروط المتقدمة لا تؤثر‏.‏ وفيه قول ثالث، وهو الفرق بين الشرط الذي يجعل غير مقصود، كالتوطؤ على أن البيع تلجئة لا حقيقة له، وبين الشرط الذي لا يخرجه عن أن يكون مقصوداً، كاشتراط الخيار ونحوه‏.‏ وأما عامة نصوص أحمد وقدماء أصحابه ومحققي المتأخرين على أن الشروط والمواطأة التي تجري بين المتعاقدين قبل العقد إذا لم يفسخاها حتى عقدا العقد، فإن العقد يقع / مقيدا بها، وعلى هذا جواب أحمد في مسائل الحيل في البيع، والإجارة، والرهن، والقرض، وغير ذلك‏.‏ وهذا كثير موجود في كلامه وكلام أصحابه، تضيق الفتوي عن تعديد أعيان المسائل‏.‏ وكثير منها مشهور عند من له أدني خبرة بأصول أحمد ونصوصه، لا يخفي عليه ذلك‏.‏ وقد قررنا دلائل ذلك من الكتاب والسنة وإجماع السلف وأصول الشريعة في مسألة التحليل‏.‏
ومن تأمل العقود التي كانت تجري بين النبي صلى الله عليه وسلم وغيره مثل عقد البيعة التي كانت بينه وبين الأنصار ليلة العقبة، وعقد الهدنة الذي كان بينه وبين قريش عام الحديبية، وغير ذلك؛ علم أنهم اتفقوا على الشروط ثم عقدوا العقد بلفظ مطلق، وكذلك عامة نصوص الكتاب والسنة في الأمر بالوفاء بالعقود والعهود والشروط والنهي عن الغدر، والثلاث تتناول ذلك تناولا واحداً؛ فإن أهل اللغة والعرف متفقون على التسمية، والمعاني الشرعية توافق ذلك‏.‏