سئل عن مملوك تزوج بامرأة من المسلمين ثم بعد ذلك ظهرت عبوديته
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عن مملوك في الرق والعبودية، تزوج بامرأة من المسلمين، ثم بعد ذلك ظهرت عبوديته، وكان قد اعترف أنه حر، وأن له خيرًا في مصر، وقد ادعوا عليه بالكتاب، وحقوق الزوجية، واقترض من زوجته شيئا‏:‏ فهل يلزمه شيء أو لا‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله، تزوج العبد بغير إذن سيده ـ إذا لم يجزه السيد ـ باطل باتفاق المسلمين، وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏أيما عبد تزوج بغير إذن موإليه فهو عاهر‏)‏، لكن إذا أجازه السيد بعد العقد صح في / مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين، ولم يصح في مذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى‏.‏
وإذا طلب النكاح فعلى السيد أن يزوجه لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 32‏]‏‏.‏ وإذا غر المرأة وذكر أنه حر، وتزوجها، ودخل بها، وجب المهر لها بلا نزاع، لكـن هل يجب المسمي ـ كقول مالك في رواية‏؟‏أو مهر المثل كقول أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد في رواية‏؟‏أو يجب الخمسان‏:‏ كأحمد في رواية ثالثة‏؟‏هذا فيه نزاع بين العلماء‏.‏ وقد يتعلق هذا الواجب برقبته كقول أحمد في المشهور عنه، والشافعي في قول، وأظنه قول أبي حنيفة أو يتعلق ذلك بذمة العبد فيتبع به إذا أعتق، كقول الشافعي في الجديد، وقول أبي يوسف ومحمد وغيرهما‏؟‏والأول أظهر؛ فإن قوله لهم‏:‏ إنه حر تلبيس عليهم، وكذب عليهم، ثم دخوله عليها بهذا الكذب عدوان منه عليهم‏.‏ والأئمة متفقون على أن المملوك لو تعدي على أحد فأتلف ماله، أو جرحه أو قتله، كانت جنايته متعلقة برقبته، لا تجب في ذمة السيد، بل يقال للسيد‏:‏ إن شئت أن تفك مملوكك من هذه الجناية، وإن شئت أن تسلمه حتى تستوفي هذه الجناية من رقبته‏.‏ وإذا أراد أن يقتله، فعليه أقل الأمرين ـ من قدر الجناية، أو قيمة العبد‏:‏ في مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه وغيرهما‏.‏ / وعند مالك وأحمد في رواية يفديه بأرش الجناية بالغًا ما بلغ، فهذا العبد ظالم معتد جار على هؤلاء، فتتعلق جنايته برقبته‏.‏ وكذلك ما اقترضه من مال الزوجة مع قوله إنه حر، فهو عدوان عليهم، فيتعلق برقبته في أصح قولي العلماء‏.‏ والله أعلم‏.‏