سئل عن رجل قال‏: إن النبي ما أكل بطيخًا أصفر
 
وسئل ـ رحمه الله ـ عن رجل قال‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم ما أكل بطيخًا أصفر عمره، وقال الآخر‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم أكل العنب دو، دو‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله، قوله‏:‏ أكل العنب‏:‏ دو، دو كذب؛ لا أصل له، وأما البطيخ فقد كانوا يأكلون البطيخ، لكن المشهور عندهم كان البطيخ / الأخضر، وما ينقل عن الإمام أحمد‏:‏ أنه امتنع عن أكل البطيخ؛ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم، كذب على الإمام أحمد‏.‏ كان صلى الله عليه وسلم يأكل فاكهة بلده ما قدمت له فاكهة فترك أكلها لا على سبيل الزهد الفاسد، ولا على سبيل الورع الفاسد، بل كان لا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، ويتبع قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ‏}‏‏[‏البقرة‏:‏ 271‏]‏‏.‏ فأمر بالأكل والشكر‏.‏ فمن حرم الطيبات عليه، وامتنع من أكلها بدون سبب شرعي، فهو مذموم مبتدع، داخل في قوله‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 87‏]‏‏.‏ ومن أكلها بدون الشكر الواجب فيها فهو مذموم، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏}‏ ‏[‏التكاثر‏:‏ 8‏]‏‏.‏ أي‏:‏ شكر النعيم‏.‏ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر‏)‏، وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن الله ليرضي عن العبد بأن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها‏)‏‏.‏ وكذلك الإسراف في الأكل مذموم، وهو مجاوزة الحد‏.‏ ومن أكل بنية الاستعانة على عبادة كان مأجورًا على ذلك وكذلك ما ينفقه على أهل بيته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏نفقة المسلم على أهله يحتسبها صدقة‏)‏، وقال لسعد‏:‏ ‏(‏إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة، حتى اللقمة تضعها في في امرأتك‏)‏‏.