فصل في إتيان النساء في أدبارهن
 
وقال ـ رحمه الله تعالى‏:‏
فصل
وأما ‏(‏إتيان النساء في أدبارهن‏)‏، فهذا محرم عند جمهور السلف والخلف كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة، وهو المشهور في مذهب مالك‏.‏ وأما القول الآخر بالرخصة فيه‏:‏فمن الناس من يحكيه رواية عن مالك، ومنهم من ينكر ذلك‏.‏ ونافع نقل عن ابن عمر أنه لما قرأ عليه‏:‏‏{‏نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏223‏]‏، قال له ابن عمر‏:‏إنها نزلت في إتيان النساء في أدبارهن‏.‏ فمن الناس من يقول غلط نافع على ابن عمر، أو لم يفهم مراده، وكان مراده‏:‏أنها نزلت في إتيان النساء من جهة الدبر في القبل؛ فإن الآية نزلت في ذلك باتفاق العلماء، وكانت / اليهود تنهى عن ذلك، وتقول‏:‏إذا أتى الرجل المرأة في قبلها من دبرها جاء الولد أحول فأنزل الله هذه الآية‏.‏ ‏[‏والحرث‏]‏ موضع الولد، وهو القبل‏.‏ فرخص الله للرجل أن يطأ المرأة في قبلها من أي الجهات شاء‏.‏
وكان سالم بن عبد الله بن عمر يقول‏:‏كذب العبد على أبي، وهذا مما يقوي غلط نافع على ابن عمر، فإن الكذب كانوا يطلقونه بإزاء الخطأ، كقول عبادة‏:‏كذب أبو محمد‏.‏ لما قال‏:‏الوتر واجب‏.‏ وكقول ابن عباس‏:‏كذب نوف‏:‏قال‏:‏لما قال صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل‏.‏
ومن الناس من يقول‏:‏ابن عمر هو الذي غلط في فهم الآية‏.‏ والله أعلم أي ذلك كان، لكن نقل عن ابن عمر أنه قال‏.‏ أو يفعل هذا مسلم‏؟‏ ‏!‏ لكن بكل حال معنى الآية هو ما فسرها به الصحابة والتابعون، وسبب النزول يدل على ذلك‏.‏ والله أعلم‏.‏