سئل عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها‏
 
وسئل ـ رحمه الله تعالى ـ عما يجب على من وطئ زوجته في دبرها‏؟‏ وهل أباحه أحد من العلماء‏؟‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله رب العالمين، ‏[‏الوطء في الدبر‏]‏ حرام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك عامة أئمة المسلمين، من الصحابة، والتابعين، وغيرهم ـ فإن الله قال في كتابه‏:‏‏{‏نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ‏}‏، وقد ثبت في الصحيح‏:‏إن اليهود كانوا يقولون‏:‏إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها جاء الولد أحول، فسأل المسلمون عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله هذه الآية‏:‏‏{‏نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ‏}‏‏.‏ والحرث‏:‏موضع الزرع، والولد إنما يزرع في الفرج؛ لا في الدبر ‏{‏فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ‏}‏ ـ وهو موضع الولد ـ ‏{‏أَنَّى شِئْتُمْ‏}‏ أي‏:‏من أين شئتم‏:‏من قبلها، ومن دبرها، وعن يمينها، وعن شمالها‏.‏ فالله تعالى سمى النساء حرثًا، وإنما رخص في إتيان الحروث، والحرث إنما يكون /في الفرج‏.‏ وقد جاء في غير أثر‏:‏أن الوطء في الدبر هو اللوطية الصغرى، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏‏(‏إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في حشوشهن‏)‏ والحش هو الدبر، وهو موضع القذر والله ـ سبحانه ـ حرم إتيان الحائض، مع أن النجاسة عارضة في فرجها، فكيف بالموضع الذي تكون فيه النجاسة المغلظة‏؟‏ ‏!‏
وأيضًا، فهذا من جنس اللواط، ومذهب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي وأحمد وأصحابه أن ذلك حرام لا نزاع بينهم، وهذا هو الظاهر من مذهب مالك وأصحابه، لكن حكى بعض الناس عنهم رواية أخرى بخلاف ذلك، ومنهم من أنكر هذه الرواية وطعن فيها‏.‏
وأصل ذلك ما نقل عن نافع أنه نقله عن ابن عمر، وقد كان سالم بن عبد الله يكذب نافعًا في ذلك‏.‏ فأما أن يكون نافع غلط، أو غلط من هو فوقه‏.‏ فإذا غلط بعض الناس غلطة لم يكن هذا مما يسوغ خلاف الكتاب والسنة كما أن طائفة غلطوا في إباحة الدرهم بالدرهمين، واتفق الأئمة على تحريم ذلك لما جاء في ذلك من الأحاديث الصحيحة، وكذلك طائفة غلطوا في أنواع من الأشربة‏.‏ ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏‏(‏كل مسكر خمر، وكل خمر حرام‏)‏، وأنه
سئل عن أنواع من الأنبذة، فقال‏:‏‏(‏كل مسكر حرام‏)‏، ‏(‏ما أسكر كثيره فقليله حرام‏)‏، وجب اتباع هذه السنن الثابتة، ولهذا نظائر في الشريعة‏.‏ ومن وطئ امرأته في دبرها وجب أن يعاقبا على ذلك عقوبة تزجرهما، فإن علم أنهما لا ينزجران، فإنه يجب التفريق بينهما‏.‏ والله أعلم‏.‏