فصل: اليتيم في الآدميين من فقد أباه
 
/وَقَال ـ قدس اللَّه رُوحَه‏:‏
فصل
اليتيم في الآدميين من فقد أباه؛ لأن أباه الذي يهذبه، ويرزقه، وينصره بموجب الطبع المخلوق؛ ولهذا كان تابعاً في الدين لوالده، وكان نفقته عليه وحضانته عليه، والإنفاق هو الرزق‏.‏ والحضانة هي النصر لأنها الإيواء، ودفع الأذي‏.‏ فإذا عدم أبوه طمعت النفوس فيه؛ لأن الإنسان ظلوم جهول، والمظلوم عاجز ضعيف، فتقوى جهة الفساد من جهة قوة المقتضي، ومن جهة ضعف المانع، ويتولد عنه فسادان‏:‏ ضرر اليتيم الذي لا دافع عنه ولا يحسن إليه، وفجور الآدمي الذي لا وازع له‏.‏
فلهذا أعظم الله أمر اليتامى في كتابه في آيات كثيرة مثل قوله‏:‏ ‏{‏وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَاليتَامَى وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 83‏]‏، /وقوله‏:‏ ‏{‏لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَآتَي الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَاليتَامَى وَالْمَسَاكِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 177‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ واليتَامَى وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 215‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 220‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَآتُواْ اليتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي اليتَامَى‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَابْتَلُواْ اليتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إليهمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إليهمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عليهمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 2، 6‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَاليتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 8‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شيئا‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَبِذِي الْقُرْبَى وَاليتَامَى وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 36‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عليكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عليمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 127‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 10‏]‏، وقوله في الأنعام‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 152‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَاليتَامَى وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 41‏]‏، وقولـه‏:‏ ‏{‏وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 26‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً‏}‏ ‏[‏الإسـراء‏:‏ 34‏]‏، وقـولـه‏:‏ ‏{‏وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 82‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَاليتَامَى وَالْمَسَاكِينِ‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 7‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ اليتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ‏}‏ ‏[‏الماعون‏:‏ 2،3‏]‏‏.‏