سئل: عن حكم قتل المتعمد؟
 
وسئل شيخ الإسلام عن حكم قتل المتعمد، وما هو‏:‏ هل إن قتله على مال، أو حقد، أو على أي شيء يكون قتل المتعمد‏؟‏ وقال قائل‏:‏ إن كان قتل على مال فما هو هذا أو على حقد، أو على دين، فما هو متعمد‏.‏ فقال القائل‏:‏ فالمتعمد قال‏:‏ إذا قتله على دين الإسلام لا يكون مسلمًا‏.‏
/فأجاب‏:‏
الحمد لله أما إذا قتله على دين الإسلام ـ مثل ما يقاتل النصراني المسلمين على دينهم ـ فهذا كافر شر من الكافر المعاهد، فإن هذا كافر محارب بمنزلة الكفار الذين يقاتلون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهؤلاء مخلدون في جهنم، كتخليد غيرهم من الكفار‏.‏
وأما إذا قتله قتلاً محرمًا؛ لعداوة، أو مال، أو خصومة، ونحو ذلك فهذا من الكبائر، ولا يكفر بمجرد ذلك عند أهل السنة والجماعة، وإنما يكفر بمثل هذا الخوارج، ولا يخلد في النار من أهل التوحيد أحد عند أهل السنة والجماعة، خلافًا للمعتزلة الذين يقولون بتخليد فساق الملة‏.‏ وهؤلاء قد يحتجون بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عليه وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 93‏]‏، وجوابهم‏:‏ على أنها محمولة على المتعمد لقتله على إيمانه، وأكثر الناس لم يحملوها على هذا، بل قالوا‏:‏ هذا وعيد مطلق قد فسره قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 48‏]‏، وفي ذلك حكاية عن بعض أهل السنة أنه كان في مجلس فيه عمرو بن عبيد ـ شيخ المعتزلة ـ فقال عمرو‏:‏ يؤتي بي يوم القيامة فيقال لي‏:‏ يا عمرو، من أين قلت‏:‏ إني لا أغفر لقاتل‏؟‏ فأقول‏:‏ أنت يارب قلت‏:‏ ‏{‏وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 93‏]‏‏.‏ قال‏:‏ فقلت له‏:‏ فإن قال لك‏:‏ فإني قلت‏:‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 48‏]‏ فمن أين علمت أني لا أشاء أن أغفر لهذا‏؟‏ فسكت عمرو بن عبيد‏!‏‏!‏