سئل :عن الرجل يلطم الرجل أو يكلمه أو يسبه‏ هل يجوز أن يفعل به كما فعل؟
 
وسئل ـ رحمه اللّه ـ عن الرجل يلطم الرجل، أو يكلمه، أو يسبه‏:‏ هل يجوز أن يفعل به كما فعل‏؟‏
فأجاب‏:‏
وأما القصاص في اللطمة، والضربة ونحو ذلك، فمذهب الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين أن القصاص ثابت في ذلك كله وهو المنصوص عن أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد الشالنجي‏.‏ وذهب كثير من الفقهاء إلى أنه لا يشرع في ذلك قصاص؛ لأن المساواة فيه متعذرة في الغالب، وهذا قول كثير من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، /والأول أصح، فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم مضت بالقصاص في ذلك، وكذلك سنة الخلفاء الراشدين، وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا‏}‏ ‏[‏الشوري‏:‏ 40‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 194‏]‏، ونحو ذلك‏.‏
وأما قول القائل‏:‏ إن المماثلة في هذه الجناية متعذرة، فيقال‏:‏ لابد لهذه الجناية من عقوبة‏:‏ إما قصاص، وإما تعزير‏.‏ فإذا جوز أن يعزر تعزيرًا غير مضبوط الجنس والقدر فلأن يعاقب إلى ماهو أقرب إلى الضبط من ذلك أولى وأحري‏.‏ والعدل في القصاص معتبر بحسب الإمكان، ومن المعلوم أن الضارب إذا ضرب ضربة مثل ضربته أو قريبا منها كان هذا أقرب إلى العدل من أن يعزر بالضرب بالسوط‏.‏ فالذي يمنع القصاص في ذلك خوفا من الظلم يبيح ماهو أعظم ظلما مما فر منه‏.‏ فعلم أنما جاءت به السنة أعدل وأمثل‏.‏
وكذلك له أن يسبه كما يسبه، مثل أن يلعنه كما يلعنه‏.‏ أو يقول‏:‏ قبحك اللّه، فيقول‏:‏ قبحك اللّه‏.‏ أو‏:‏ أخزاك اللّه، فيقول له‏:‏ أخزاك اللّه‏.‏ أو يقول‏:‏ ياكلب، ياخنزير، فيقول‏:‏ ياكلب، ياخنزير، فأما إذا كان محرم الجنس مثل تكفيره أو الكذب عليه لم يكن له أن يكفره ولا يكذب عليه‏.‏ وإذا لعن أباه لم يكن له أن يلعن أباه؛ لأن أباه لم يظلمه‏.‏