سئل:عن مسلم قتل مسلما متعمدا بغير حق ثم تاب بعد ذلك؟
 
وسئل ـ رَحمه اللّه ـ عن مسلم قتل مسلما متعمدا بغير حق، ثم تاب بعد ذلك‏:‏ فهل ترجي له التوبة، وينجو من النار، أم لا‏؟‏ وهل يجب عليه دية، أم لا‏؟‏
فأجاب‏:‏
قاتل النفس بغير حق عليه حقان‏:‏ حق للّه بكونه تعدي حدود اللّه وانتهك حرماته، فهذا الذنب يغفره اللّه بالتوبة الصحيحة، كما قال/ تعالى‏:‏ ‏{‏يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 53‏]‏، أي‏:‏ لمن تاب‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 68،70‏]‏، وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أن رجلا قتل تسعة وتسعين رجلا، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه، فسأله‏:‏ هل من توبة‏؟‏ فقال‏:‏ أبعد تسعة وتسعين تكون لك توبة‏؟‏ ‏!‏‏!‏ فقتله، فكمل به مائة‏!‏ ثم مكث ما شاء اللّه، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل عليه، فسأله هل لي من توبة‏؟‏ قال‏:‏ ومن يحول بينك وبين التوبة‏؟‏ ‏!‏ ولكن ائت قرية كذا فإن فيها قوما صالحين فاعبد اللّه معهم، فأدركه الموت في الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فبعث اللّه ملكا يحكم بينهم فأمر أن يقاس فإلى أي القريتين كان أقرب ألحق به، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة فغفر اللّه له‏)‏‏.‏
والحق الثاني حق الآدميين، فعلى القاتل أن يعطي أولياء المقتول حقهم، فيمكنهم من القصاص، أو يصالحهم بمال، أو يطلب منهم العفو فإذا فعل ذلك فقد أدي ما عليه من حقهم، وذلك من تمام التوبة‏.‏
/وهل يبقي للمقتول عليه حق يطالبه به يوم القيامة‏؟‏ على قولين للعلماء في مذهب أحمد وغيره، ومن قال يبقي له؛ فإنه يستكثر القاتل من الحسنات حتى يعطي المقتول من حسناته بقدر حقه، ويبقي له ما يبقي، فإذا استكثر القاتل التائب من الحسنات رجيت له رحمة اللّه، وأنجاه من النار، ولا يقنط من رحمة اللّه إلا القوم الفاسقون‏.‏