فصـل: فيماأحدثه الملوك والأمراء‏ من ‏القلاع والحصون
 
فصـل
طال الأمد، وتفرقت الأمة، وتمسك كل قوم بشعبة من الدين بزيادات زادوها، فأعرضوا عن شعبة منه أخري‏.‏ أحدثث الملوك والأمراء‏[‏القلاع،والحصون‏]‏، وإنما كانت تبني الحصون والمعاقل قديما في الثغور، خشية أن / يدهمها العدو؛ وليس عندهم من يدفعه عنها، وكانوا يسمون الثغور الشامية ‏[‏العواصم‏]‏ وهي قنسرين، وحلب‏.‏ وأحدثت ‏[‏المدارس‏]‏ لأهـل العلـم، وأحدثت ‏[‏الربط، والخوانق‏]‏ لأهل التعبد‏.‏ وأظن مبدأ انتشار ذلك فـي ‏[‏دولـة السلاجقة‏]‏‏.‏ فأول ما بنيت المدارس والرباطات للمساكين ووقفت عليهـا وقوف تجري علي أهلها في وزارة ‏[‏نظام الملك‏]‏‏.‏ وأما قبل ذلك فقد وجد ذكر المدارس، وذكر الربط، لكن مـا أظن كان موقوفا عليهــا لأهلهــا؛ وإنمــا كانت مساكن مختصة، وقد ذكر الإمام معمر بن زياد من أصحاب الواحـدي في ‏[‏أخبار الصوفية‏]‏‏:‏ أن أول دويرة بنيت لهم في البصرة‏.‏ وأما ‏[‏المدارس‏]‏ فقد رأيت لها ذكراً قبل دولة السلاجقة في أثناء المائـة الرابعــة، ودولتهم إنمـا كانت في المائــة الخامسة، وكذلك هذه ‏[‏القلاع، والحصون‏]‏ التي بالشام عامتها محدث، كما بني الملك العادل قلعة دمشق وبصري وحران، وذلك أن النصاري كانوا كثيري الغزو إليهم، وكان الناس بعد المائة الثالثة قد ضعفوا عن دفاع النصاري عن السواحل، حتي استعلوا علي كثير من ثغور الشام الساحلية‏.‏