فصـــل: التسمية على الذبيحة مشروعة
 
/وقال شيخ الإسلام ـ قدس الله روحه‏:‏
فصـــل
والتسمية على الذبيحة مشروعة، لكن قيل‏:‏ هي مستحبة كقول الشافعي‏.‏ وقيل‏:‏ واجبة مع العمد وتسقط مع السهو كقول أبي حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه‏.‏ وقيل‏:‏ تجب مطلقًا، فلا تؤكل الذبيحة بدونها، سواء تركها عمدًا، أو سهوًا كالرواية الأخرى عن أحمد اختارها أبو الخطاب وغيره، وهو قول غير واحد من السلف‏.‏ وهذا أظهر الأقوال؛ فإن الكتاب والسنة قد علق الحل بذكر اسم الله في غير موضع؛ كقوله‏:‏ ‏{‏فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 4‏]‏ ‏[‏و‏]‏ قوله‏:‏ ‏{‏فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 118‏]‏، ‏{‏وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏119‏]‏، ‏{‏وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 121‏]‏، وفي الصحيحين أنه قال‏:‏ ‏(‏ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا‏)‏ وفي الصحيح أنه قال لعدي‏:‏ ‏(‏إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فقتل فكل، وإن خالط كلبك كلاب أخر فلا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره‏)‏‏.‏
/وثبت في الصحيح أن الجن سألوه الزاد لهم ولدوابهم فقال‏:‏ ‏(‏لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة علفًا لدوابكم‏)‏، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فلا تستنجوا بهما؛ فإنهما زاد إخوانكم من الجن‏)‏، فهو صلى الله عليه وسلم لم يبح للجن المؤمنين إلا ما ذكر اسم الله عليه، فكيف بالإنس، ولكن إذا وجد الإنسان لحمًا قد ذبحه غيره جاز له أن يأكل منه، ويذكر اسم الله عليه؛ لحمل أمر الناس على الصحة والسلامة، كما ثبت في الصحيح أن قومًا قالوا‏:‏ يا رسول الله، إن ناسا حديثي عهد بالإسلام يأتون باللحم ولا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لم يذكروا، فقال‏:‏ ‏(‏سموا أنتم وكلوا‏)‏‏.‏