قصة: قضاء مروان بالكفارة في امرأة نذرت أن تنحر ابنها
 
وقال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ‏:‏
ذكر ابن عساكر ما ذكره حنبل، قال‏:‏ سمعت أبا عبد الله يقول‏:‏ يقال مروان بن الحكم كان عنده قضاء، وكان يتبع قضاء عمر، وذكر ما ذكره أبو زرعة الدمشقي، قال‏:‏ الاختلاف بين الناس في هذين الرجلين‏:‏ محمد بن الوليد الزبيدي وسعيد بن أبي حمزة، وقد أخبرني الحكم بن نافع أنه رآهما جميعًا الزبيدي، وسعيد بن أبي حمزة‏.‏ ورأيته للزبيدي أكثر تعظيمًا، وهما صاحبا الزهري بالرصافة من قبل هشام بن عبد الملك، محمد بن الوليد الزُبَيدْي على بيت المال، وسعيد بن أبي حمزة على نفقات هشام‏.‏ وعن بقية قال‏:‏ قال لنا الأوزاعي‏:‏ ما فعل محمد بن الوليد الزبيدي‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ ولي بيت المال‏.‏ قال‏:‏ إنا لله وإنا إليه راجعون‏.‏
/وذكر ما ذكره الذهلي من حديث الزهري، حدثنا سعيد بن كثير بن عفير، أخبرنا عبد الله بن وهب عن يونس، عن ابن شهاب، قال‏:‏ أخبرني قبيصة بن ذؤيب، أن امرأة نذرت أن تنحر ابنها عند الكعبة في أمر إن فعلته، ففعلت ذلك الأمر، فقدمت المدينة تستفتي عن نذرها، فجاءت عبد الله بن عمر فقال لها عبد الله‏:‏ لا أعلم الله أمر في النذر إلا بالوفاء، قالت المرأة‏:‏ فأنحر ابني‏؟‏ فقال عبد الله بن عمر‏:‏ قد نهاكم الله أن تقتلوا أنفسكم، ثم لم يزدها ابن عمر على ذلك‏.‏ فجاءت عبد الله بن عباس فاستفته عن ذلك، فقال‏:‏ أمر الله بوفاء النذر، ونهاكم أن تقتلوا أنفسكم‏.‏ وقد كان عبد المطلب بن هاشم نذر أن توافى له عشرة رهط أن ينحر أحدهم، فلما توافى له عشرة وأقرع بينهم أيهم ينحر، فصارت القرعة على عبد الله بن عبد المطلب ـ وكان أحب الناس إلى عبد المطلب ـ فقال عبد المطلب‏:‏ اللهم أهو أو مائة من الإبل، ثم أقرع بينه وبين مائة من الإبل في الجاهلية، وصارت القرعة على نحر مائة من الإبل فقال ابن عباس للمرأة‏:‏ فإني أرى أن تنحرى مائة من الإبل مكان ابنك، فبلغ الحديث مروان بن الحكم وهو أمير المدينة، فقال‏:‏ ما أرى ابن عمر وابن عباس أصابا الفتيا ‏(‏ إنه لا نذر في معصية الله‏)‏ استغفري الله وتوبي إليه، واعملي ما استطعت من الخير، فأما أن تنحري ابنك فإن الله قد نهاك عن ذلك‏.‏ قال‏:‏ فسر الناس بذلك، وأعجبهم قول مروان، ورأوا أن قد أصاب الفتوى، فلم يزل الناس يفتون بأن لا نذر في معصية الله‏.‏