وعن أبي قَتَادَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قَالَ ــــ في الهِرَّةِ ــــ: "إنّها ليْسَتْ بِنَجَسٍ، إنّمَا هي مِنْ الطَّوَّافين علَيْكُمْ" أخرجه الأربعة، وصحّحهُ الترمذي وابنُ خُزَيْمَةَ.
 
وعن أبي قَتَادَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قَالَ ــــ في الهِرَّةِ ــــ: "إنّها ليْسَتْ بِنَجَسٍ، إنّمَا هي مِنْ الطَّوَّافين علَيْكُمْ" أخرجه الأربعة، وصحّحهُ الترمذي وابنُ خُزَيْمَةَ.
(وعن أبي قتادة رضي الله عنه) بفتح القاف فمثناة فوقية بعد الألف دال مهملة اسمه في أكثر الأقوال الحارث بن ربعي بكسر الراء فموحدة ساكنة فمهملة مكسورة ومثناة تحتية مشددة الأنصاري، فارس رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم. شهد أحداً وما بعدها، وكانت وفاته سنة أربع وخمسين بالمدينة، وقيل مات بالكوفة في خلافة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وشهد معه حروبه كلها (أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال في الهرة).
والحديث له سبب، وهو: أن أبا قتادة سكب له وضوءاً فجاءت هرة تشرب منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت، فقيل له في ذلك. فقال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: (إنها ليست بنَجَس) أي فلا ينجس ما لامَسَتْهُ إنما هي من الطُّوَّافينَ) جمع طواف (عليكُمْ) قال ابن الأثير: الطائف الخادم الذي يخدمك برفق وعناية، والطواف فعال منه، شبهها بالخادم الذي يطوف على مولاه ويدور حوله أخذاً من قوله تعالى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَـلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَآءِ ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وفي رواية مالك وأحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم. زيادة لفظ: "والطوافات" جمع الأول مذكراً سالماً نظراً إلى ذكور الهر. والثاني مؤنثاً سالماً نظراً إلى إناثها. فإن قلت: قد فات في جمع المذكر السالم شرط كونه يعقل وهو شرط لجمعه علماً وصفة. قلت: لما نزل منزلة من يعقل بوصفه بصفته وهو الخادم أجراه مجراه في جمعه صفة.
وفي التعليل إشارة إلى أنه تعالى لما جعلها بمنزلة الخادم في كثرة اتصالها بأهل المنزل وملابستها لهم، ولما في منزلهم، خفف الله تعالى على عباده بجعلها غير نجس رفعاً للحرج (أخرجه الأربعة، وصححه الترمذي وابن خزيمة) وصححه أيضاً البخاري والعقيلي والدارقطني.
والحديث دليل على طهارة الهرة وسؤرها، وإن باشرت نجساً، وأنه لا تقييد لطهارة فمها بزمان، وقيل: لا يطهر فمها إلا بمضي زمان من ليلة أو يوم أو ساعة، أو شربها الماء، أو غيبتها حتى يحصل ظن بذلك، أو بزوال عين النجاسة من فمها، وهذا الأخير أوضح الأقوال؛ لأنه مع بقاء عين النجاسة في فمها فالحكم بالنجاسة لتلك العين لا لفمها، فإن زالت العين فقد حكم الشارع بأنها ليست بنجس.