وعن أبي هريرة قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا وقَعَ الذُّبَابُ في شرَابِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثمَّ ليَنْزِعْهُ، فإنَّ في أحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وفي الاخَرِ شِفَاءً" أخرَجَهُ البخاريُّ وأبو داود، وزادَ: "وإنّهُ يَتَّقِي بجَنَاحِهِ الذي فيهِ الدَّاءُ".
 
وعن أبي هريرة قالَ: قالَ رسولُ الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا وقَعَ الذُّبَابُ في شرَابِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثمَّ ليَنْزِعْهُ، فإنَّ في أحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وفي الاخَرِ شِفَاءً" أخرَجَهُ البخاريُّ وأبو داود، وزادَ: "وإنّهُ يَتَّقِي بجَنَاحِهِ الذي فيهِ الدَّاءُ".
(وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "إذا وقَعَ الذُّبَابُ في شراب أحدكم") وهو كما أسلفناه من أن الإضافة ملغاة كما في قوله: "إذا ولغَ الكلبُ في إناء أحدكُم" وفي لفظ "في طعام أحدكُم" (فَلْيَغْمسْهُ) زاد في رواية البخاري "كلَّهُ) ، تأكيداً. وفي لفظ أبي داود "فامْقُلوه"، وفي لفظ ابن السكن "فليمقله" (ثمَّ لينْزِعْهُ) فيه: أنه يمهل في نزعه بعد غمسه (فإنَّ في أحد جناحَيْهِ داءً وفي الاخر شفاءً) هذا تعليل للأمر بغمسه. وفي لفظ البخاري "ثم ليطرحه فإن في أحد جنايه شفاء وفي الاخر داء"، وفي لفظ "سما" (أخرجه البخاري وأبو داود. وزاد: وإنّهُ يَتّقِي بجناحهِ الذي فيه الداء). وعند أحمد وابن ماجه: أنه يقدم السم ويؤخر الشفاء.
والحديث دليل ظاهر على جواز قتله دفعاً لضرره، وأنه يطرح ولا يؤكل، وأن الذباب إذا مات في مائع فإنه لا ينجسه؛ لأنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أمر بغمسه، ومعلوم أنه يموت من ذلك، ولاسيما إذا كان الطعام حاراً، فلو كان ينجسه لكان أمراً بإفساد الطعام، وهو صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم إنما أمر بإصلاحه. ثم عدى هذا الحكم إلى كل ما لا نفس له سائلة كالنحلة والزنبور والعنكبوت وأشباه ذلك؛ إذ الحكم يعم بعموم علته، وينتفي بانتفاء سببه، فلما كان سبب التنجيس هو الدم المحتقن في الحيوان بموته، وكان ذلك مفقوداً فيما لا دم له سائل، انتفى الحكم بالتنجيس لانتفاء علته، والأمر بغمسه ليخرج الشفاء منه كما خرج الداء منه.
وقد علم أن في الذباب قوة سمية كما يدل عليها الورم والحكة الحاصلة من لسعه وهي بمنزلة السلاح، فإذا وقع فيما يؤذيه اتقاه بسلاحه، كما قال صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم: "فإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء" أمر صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم أن تقابل تلك السمية بما أودعه الله سبحانه وتعالى فيه من الشفاء في جناحه الآخر بغمسه كله. فتقابل المادة السمية المادة النافعة فيزول ضررها، وقد ذكر غير واحد من الأطباء: أن لسعة العقرب والزنبور إذا دلك موضعها بالذباب نفع منه نفعاً بيناً ويسكنها، وما ذلك إلا للمادة التي فيه من الشفاء.