(وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبي بكر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قالَ ــــ في دَمِ الحَيْضِ يُصيبُ الثّوبَ ــــ: "تَحُتُّهُ، ثمَّ تَقْرُصُهُ بالمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلي فيهِ" متفق عليه.
 
وعن أسماء) بفتح الهمزة وسين مهملة فميم فهمزة ممدودة (بنت أبي بكر رضي الله عنهما) وهي أم عبد الله بن الزبير. أسلمت بمكة قديماً، وبايعت النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم، وهي أكبر من عائشة بعشر سنين، وماتت بمكة بعد أن قتل ابنها بأقل من شهر، ولها من العمر مائة سنة، وذلك سنة ثلاث وسبعين، ولم تسقط لها سن، ولا تغير لها عقل، وكانت قد عميت.
(أن النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال في دم الحيض يصيب الثوب: "تحته") بالفتح للمثناة الفوقية وضم الحاء المهملة وتشديد المثناة الفوقية، أي تحكه، والمراد بذلك إزالة عينه (ثمَّ تقرُصُهُ بالماء) أي الثوب، وهو بفتح المثناة الفوقية وإسكان القاف وضم الراء والصاد المهملتين: أي تدلك ذلك الدم بأطراف أصابعها ليتحلل بذلك ويخرج ما شربه الثوب منه (ثم تَنْضَحُهُ) بفتح الضاد المعجمة: أي تغسله بالماء (ثمَّ تصلي فيه" متفق عليه). ورواه ابن ماجه بلفظ: "اقرصيه بالماء واغسليه" ولابن أبي شيبة بلفظ: "اقرصيه بالماء، واغسليه، وصلي فيه". وروى أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان من حديث أم قيس بنت محصن: "أنها سألت رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم عن دم الحيض يصيب الثوب فقال: "حكيه بصلع، واغسليه بماء وسدر" قال ابن القطان: إسناده في غاية الصحة، ولا أعلم له علة، وقوله: بصلع بصاد مهملة مفتوحة فلام ساكنة وعين مهملة: الحجر.
والحديث دليل على نجاسة دم الحيض، وعلى وجوب غسله، والمبالغة في إزالته بما ذكر من الحت، والقرص، والنضح لإذهاب أثره، وظاهره: أنه لا يجب غير ذلك، وإن بقي من العين بقية، فلا يجب الحاد لإذهابها؛ لعدم ذكره في الحديث أي حديث أسماء، وهو محل البيان؛ ولأنه قد ورد في غيره: "ولا يضرك أثره".