وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صفة حج النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قال صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ابدءوا بما بدأ الله به أخرجه النسائي هكذا بلفظ الأمر وهو عند مسلم بلفظ الخبر
 
وعن جابر هو أبو عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بالحاء والراء المهملتين الأنصاري السلمي من مشاهير الصحابة ذكر البخاري أنه شهد بدرا وكان ينقل الماء يومئذ ، ثم شهد بعدها مع النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ثماني عشرة غزوة ذكر ذلك الحاكم أبو أحمد وشهد صفين مع علي عليه السلام وكان من المكثرين الحفاظ وكف بصره في اخر عمره وتوفي سنة أربع أو سبع وسبعين بالمدينة وعمره أربع وتسعون سنة وهو اخر من مات بالمدينة من الصحابة (في صفة حج النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم) يشير إلى حديث جليل شريف سيأتي إن شاء الله تعالى في الحج قال أي النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ابدءوا بما بدأ الله به أخرجه النسائي هكذا بلفظ الأمر وهو عند مسلم بلفظ الخبر أي بلفظ نبدأ ولفظ الحديث قال ثم خرج أي النبي صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم من الباب أي باب الحرم إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ إن لصفا ولمروة من شعآئر لله فمن حج لبيت أو عتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن لله شاكر عليم. نبدأ بما بدأ الله به بلفظ الخبر فعلا مضارعا فبدأ بالصفا لبداءة الله به في الآية
وذكر المصنف هذه القطعة من حديث جابر هنا لأنه أفاد أن ما بدأ الله به ذكرا نبتدىء به فعلا فإن كلامه كلام حكيم لا يبدأ ذكرا إلا بما يستحق البداءة به فعلا فإنه مقتضى البلاغة ولذا قال سيبويه إنهم أي العرب يقدمون ما هم بشأنه أهم وهم به أعنى فإن اللفظ عام والعام لا يقتصر على سببه أعني بما بدأ الله به لأن كلمة ما موصولة والموصولات من ألفاظ العموم وآية الوضوء وهي قوله تعالى فاغسلوا وجوهم وأيديكم الى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين داخله تحت الأمر بقوله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ابدءوا بما بدأ الله به فيجب البداءة بغسل الوجه ثم ما بعده على الترتيب وإن كانت الآية لم نفد تقديم اليمنى على اليسرى من اليعدين والرجلين وتقدم القول فيه قريبا وذهبت الحنفية وآخرون إلى أن الترتيب بين أعضاء الوضوء غير واجب واستدل لهم بحديث ابن عباس أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم توضأ غسل وجهه ويديه ثم رجليه ثم مسح رأسه بفضل وضوئه وأجيب بأنه لا تعرف له طريق صحيحة حتى يتم به الاستدلال ثم لا يخفى أنه كان الأولى تقديم حديث جابر هذا على حديث المغيرة وجعله متصلا بحديث أبي هريرة لتقاربهما في الدلالة.